قوله تعالى: يوم تبلى السرائر (9) فيه مسألتان:
الأولى: العامل في " يوم " - في قول من جعل المعنى إنه على بعث الانسان - قوله " لقادر "، ولا يعمل فيه " رجعه " لما فيه من التفرقة بين الصلة والموصول بخبر " إن ".
وعلى الأقوال الاخر التي في " إنه على رجعه لقادر "، يكون العامل في " يوم " فعل مضمر، ولا يعمل فيه " لقادر "، لان المراد في الدنيا. و " تبلى " أي تمتحن وتختبر، وقال أبو الغول الطهوي: (1) ولا تبلى بسالتهم وإن هم * صلوا بالحرب حينا بعد حين ويروى " تبلى بسالتهم ". فمن رواه " تبلى " - بضم التاء - جعله من الاختبار، وتكون البسالة على هذه الرواية الكراهة، كأنه قال: لا يعرف لهم فيها كراهة. و " تبلى " تعرف.
قال الراجز:
قد كنت قبل اليوم تزدريني * فاليوم أبلوك وتبتليني أي أعرفك وتعرفني. ومن رواه " تبلى " - بفتح التاء - فالمعنى: أنهم لا يضعفون عن الحرب وإن تكررت عليهم زمانا بعد زمان. وذلك أن الأمور الشداد إذا تكررت على الانسان هدته وأضعفته. وقيل: " تبلى السرائر ": أي تخرج مخبآتها وتظهر، وهو كل ما كان استسره الانسان من خير أو شر، وأضمره من إيمان أو كفر، كما قال الأحوص:
(2) سيبقى لها في مضمر القلب والحشا * سريرة ود يوم تبلى السرائر