أي ناصية أبي جهل كاذبة في قولها، خاطئة في فعلها. والخاطئ معاقب مأخوذ. والمخطئ غير مأخوذ (1). ووصف الناصية بالكاذبة الخاطئة، كوصف الوجوه بالنظر في قوله تعالى:
" إلى ربها ناظرة " (2) [القيامة: 23]. وقيل: أي صاحبها كاذب خاطئ، كما يقال: نهاره صائم، وليله قائم، أي هو صائم في نهاره، ثم قائم في ليله.
قوله تعالى: فليدع ناديه (17) سندع الزبانية (18) قوله تعالى: (فليدع ناديه) أي أهل مجلسه وعشيرته، فليستنصر بهم. (سندع الزبانية) أي الملائكة الغلاط الشداد - عن ابن عباس وغيره - واحدهم زبني، قاله الكسائي.
وقال الأخفش: زابن. أبو عبيدة: زبنية. وقيل: زباني. وقيل: هو اسم للجمع، كالأبابيل والعباديد. وقال قتادة: هم الشرط في كلام العرب. وهو مأخوذ من الزبن وهو الدفع، ومنه المزابنة (3) في البيع. وقيل: إنما سموا الزبانية لأنهم يعملون بأرجلهم، كما يعملون بأيديهم، حكاه أبو الليث السمرقندي - رحمه الله - قال: وروي في الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ هذه السورة، وبلغ إلى قوله تعالى: " لنسفعا بالناصية " قال أبو جهل: أنا أدعو قومي حتى يمنعوا عني ربك. فقال الله تعالى: " فليدع ناديه، سندع الزبانية ". فلما سمع ذكر الزبانية رجع فزعا، فقيل له: خشيت منه! قال لا!
ولكن رأيت عنده فارسا يهددني بالزبانية. فما أدري ما الزبانية، ومال إلي الفارس، فخشيت منه أن يأكلني. وفي الاخبار أن الزبانية رؤوسهم في السماء وأرجلهم في الأرض، فهم يدفعون الكفار في جهنم وقيل: إنهم أعظم الملائكة خلقا، وأشدهم بطشا. والعرب تطلق هذا الاسم على من أشتد بطشه. قال الشاعر:
مطاعيم في القصوى مطاعين في الوغى * زبانية غلب عطام حلومها (4)