قوله تعالى: فأما من ثقلت موازينه (6) فهو في عيشة راضية (7) وأما من خفت موازينه (8) فأمه هاوية (9) وما أدراك ما هيه (10) نار حامية (11) قد تقدم القول في الميزان في " الأعراف والكهف والأنبياء ". وأن له كفة ولسانا توزن فيه الصحف المكتوب فيها الحسنات والسيئات. ثم قيل: إنه ميزان واحد بيد جبريل يزن أعمال بني آدم، فعبر عنه بلفظ الجوع. وقيل: موازين، كما قال:
* فلكل حادثة لها ميزان (2) * وقد ذكرناه فيما تقدم (3). وذكرناه أيضا في كتاب " التذكرة " وقيل: إن الموازين الحجج والدلائل، قاله عبد العزيز بن يحيى، واستشهد بقول الشاعر:
قد كنت قل لقائكم ذا مرة * عندي لكل مخاصم ميزانه ومعنى (عيشة راضية) أي عيش مرضي، يرضاه صاحبه. وقيل: " عيشة راضية " أي فاعلة للرضا، وهو اللين والانقياد لأهلها. فالفعل للعيشة لأنها أعطت الرضا من نفسها، وهو اللين والانقياد. فالعيشة كلمة تجمع النعم التي في الجنة، فهي فاعلة للرضا، كالفرش المرفوعة، وارتفاعها مقدار مائة عام، فإذا دنا منها ولي الله اتضعت حتى يستوي عليها، ثم ترتفع كهيئتها، ومثل الشجرة فرعها، كذلك أيضا من الارتفاع، فإذا أشتهي ولي الله ثمرتها تدلت إليه، حتى يتناولها ولي الله قاعدا وقائما، وذلك قوله تعالى: " قطوفها دانية " (4) [الحاقة: 23]. وحيثما مشى أو ينتقل من مكان إلى مكان، جرى معه نهر حيث شاء، علوا وسفلا، وذلك قوله تعالى:
" يفجرونها تفجيرا " (5) [الانسان: 6]. فيروى في الخبر (إنه يشير بقضيبه فيجري من غير أخدود حيث شاء من قصوره وفي مجالسه). فهذه الأشياء كلها عيشة قد أعطت الرضا من نفسها، فهي