ونحن نعبد إلهك سنة (1)، فنزلت السورة. فكان التكرار في " لا أعبد ما تعبدون "، لان القوم كرروا عليه مقالهم مرة بعد مرة. والله أعلم. وقيل: إنما كرر بمعنى التغليظ. وقيل:
أي " لا أعبد " الساعة " ما تعبدون. ولا أنتم عابدون " الساعة " ما أعبد ". ثم قال:
" ولا أنا عابد " في المستقبل " ما عبدتم. ولا أنتم " في المستقبل " عابدون ما أعبد ". قاله الأخفش والمبرد. وقيل: إنهم كانوا يعبدون الأوثان، فإذا ملوا وثنا، وسئموا العبادة له، رفضوه، ثم أخذوا وثنا غيره بشهوة نفوسهم، فإذا مروا بحجارة تعجبهم ألقوا هذه ورفعوا تلك، فعظموها ونصبوها آلهة يعبدونها، فأمر عليه السلام أن يقول لهم: " لا أعبد ما تعبدون " اليوم من هذه الآلهة التي بين أيدكم. ثم قال: (ولا أنتم عابدون ما أعبد) وإنما تعبدون الوثن الذي اتخذتموه، وهو عندكم الآن. " ولا أنا عابد ما عبدتم " أي بالأمس من الآلهة التي رفضتموها، وأقبلتم على هذه. " ولا أنتم عابدون ما أعبد " فإني أعبد إلهي. وقيل:
إن قوله تعالى: " لا أعبد ما تعبدون. ولا أنتم عابدون ما أعبد " في الاستقبال.
وقوله: (ولا أنا عابد ما عبدتم) على نفي العبادة منه لما عبدوا في الماضي. ثم قال:
(ولا أنتم عابدون ما أعبد) على التكرير في اللفظ دون المعنى، من قبل أن التقابل يوجب أن يكون: ولا أنتم عابدون ما عبدت، فعدل عن لفظ عبدت إلى أعبد، إشعارا بأن ما عبد في الماضي هو الذي يعبد في المستقبل، مع أن الماضي والمستقبل قد يقع أحدهما موقع الآخر. وأكثر ما يأتي ذلك في أخبار الله عز وجل. وقال: " ما أعبد "، ولم يقل: من أعبد، ليقابل به " ولا أنا عابد ما عبدتم " وهي أصنام وأوثان، ولا يصلح فيها إلا " ما " دون " من " فحمل الأول على الثاني، ليتقابل الكلام ولا يتنافى. وقد جاءت " ما " لمن يعقل. ومنه قولهم: سبحان ما سخركن لنا. وقيل: إن معنى الآيات وتقديرها: قل يا أيها الكافرون لا أعبد الأصنام التي تعبدونها، ولا أنتم عابدون الله عز وجل الذي أعبده، لاشراككم به، واتخاذكم الأصنام، فإن زعمتم أنكم تعبدونه، فأنتم كاذبون، لأنكم تعبدونه مشركين. فأنا لا أعبد ما عبدتم، أي مثل عبادتكم، ف " - ما " مصدرية. وكذلك