قوله تعالى: لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون 13 قوله تعالى: (لأنتم) يا معشر المسلمين (أشد رهبة) أي خوفا وخشية (في صدورهم من الله) يعني صدور بني النضير. وقيل: في صدور المنافقين. ويحتمل أن يرجع إلى الفريقين، أي يخافون منكم أكثر مما يخافون من ربهم ذلك الخوف.
(ذلك بأنهم قوم لا يفقهون) أي لا يفقهون قدر عظمة الله وقدرته.
قوله تعالى: لا يقتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون 14 قوله تعالى: (لا يقاتلونكم جميعا) يعني اليهود (إلا في قرى محصنة) أي بالحيطان والدور، يظنون أنها تمنعهم منكم. (أو من وراء جدر) أي من خلف حيطان يستترون بها لجبنهم ورهبتهم. وقراءة العامة " جدر " على الجمع، وهو اختيار أبي عبيدة وأبي حاتم، لأنها نظير قوله تعالى: " في قرى محصنة " وذلك جمع. وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن كثير وابن محيصن وأبو عمرو " جدار " على التوحيد، لان التوحيد يؤدي عن الجمع. وروي عن بعض المكيين " جدر " (بفتح الجيم وإسكان الدال)، وهي لغة في الجدار. ويجوز أن يكون معناه من وراء نخيلهم وشجرهم، يقال: أجدر النخل إذا طلعت رؤوسه في أول الربيع.
والجدر: نبت واحدته جدرة. وقرئ " جدر " (بضم الجيم وإسكان الدال) جمع الجدار.
ويجوز أن تكون الألف في الواحد كألف كتاب، وفي الجمع كألف ظراف. ومثله ناقة هجان ونوق هجان، لأنك تقول في التثنية: هجانان، فصار لفظ الواحد والجمع مشتبهين في اللفظ مختلفين في المعنى، قاله ابن جني.