الخامسة - قوله تعالى: (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) قد يحتج به في وجوب الوفاء في اللجاج والغضب على أحد قولي الشافعي. و " أن " وقع بالابتداء وما قبلها الخبر، وكأنه قال: قولكم ما لا تفعلون مذموم، ويجوز أن يكون خبر ابتداء محذوف. الكسائي: " أن " في موضع رفع، لان " كبر " فعل بمنزلة بئس رجلا أخوك.
و " مقتا " نصب بالتمييز، المعنى كبر قولهم ما لا يفعلون مقتا. وقيل: هو حال. والمقت والمقاتة مصدران، يقال: رجل مقيت وممقوت إذا لم يحبه الناس.
قوله تعالى: إن الله يحب الذين يقتلون في سبيله صفا كأنهم بنين مرصوص 4 فيه ثلاث مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا) أي يصفون صفا: والمفعول مضمر، أي يصفون أنفسهم صفا. (كأنهم بنيان مرصوص) قال الفراء:
مرصوص بالرصاص. وقال المبرد: هو من رصصت البناء إذا لاءمت بينه وقاربت حتى يصير كقطعة واحدة. وقيل: هو من الرصيص وهو انضمام الأسنان بعضها إلى بعض.
والتراص التلاصق، ومنه وتراصوا في الصف. ومعنى الآية: يحب من يثبت في الجهاد في سبيل الله ويلزم مكانه كثبوت البناء. وقال سعيد بن جبير: هذا تعليم من الله تعالى للمؤمنين كيف يكونون عند قتال عدوهم.
الثانية - وقد استدل بعض أهل التأويل بهذا على أن قتال الراجل أفضل من قتال الفارس، لان الفرسان لا يصطفون على هذه الصفة. المهدوي: وذلك غير مستقيم، لما جاء في فضل الفارس في الاجر والغنيمة. ولا يخرج الفرسان من معنى الآية، لان معناه الثبات.
الثالثة - لا يجوز الخروج عن الصف إلا لحاجة تعرض للانسان، أو في رسالة يرسلها الامام، أو في منفعة تظهر في المقام، كفرصة تنتهز ولا خلاف فيها. وفي الخروج عن