تعجب (1) من اغترار اليهود بما وعدهم المنافقون من النصر مع علمهم بأنهم لا يعتقدون دينا ولا كتابا. ومن جملة المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول، وعبد الله بن نبتل، ورفاعة بن زيد.
وقيل: رافعة بن تابوت، وأوس بن قيظي، كانوا من الأنصار ولكنهم نافقوا، وقالوا ليهود قريظة والنضير: (لئن أخرجتم لنخرجن معكم). وقيل: هو من قول بني النضير لقريظة. وقوله: (ولا نطيع فيكم أحدا أبدا) يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم، لا نطيعه في قتالكم. وفي هذا دليل على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من جهة علم الغيب، لأنهم أخرجوا فلم يخرجوا، وقوتلوا فلم ينصروهم، كما قال الله تعالى: (والله يشهد إنهم لكاذبون) أي في قولهم وفعلهم.
قوله تعالى: لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبر هم لا ينصرون 12 قوله تعالى: " لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الادبار " أي منهزمين. " ثم لا ينصرون " قيل: معنى " لا ينصرونهم " طائعين.
" ولئن نصروهم " مكرهين " ليولن الادبار ". وقيل: معنى " لا ينصرونهم " لا يدومون على نصرهم. هذا على أن الضميرين متفقان. وقيل: إنهما مختلفان، والمعنى لئن أخرج اليهود لا يخرج معهم المنافقون، ولئن قوتلوا لا ينصرونهم. " ولئن نصروهم " أي ولئن نصر اليهود المنافقين " ليولن الادبار ". وقيل: " لئن أخرجوا لا يخرجون معهم " أي علم الله منهم أنهم لا يخرجون إن أخرجوا. " ولئن قوتلوا لا ينصرونهم " أي علم الله منهم ذلك.
ثم قال: " ليولن الادبار " فأخبر عما قد أخبر أنه لا يكون كيف كان يكون لو كان؟ وهو كقوله تعالى: " ولو ردوا لعادوا لما نهوا (2) عنه " [الانعام: 28]. وقيل: معنى " ولئن نصروهم " أي ولئن شئنا أن ينصروهم زينا ذلك لهم. " ليولن الادبار ".