قبلهم؟ فقالوا لا. فقال: قد تبرأتم من هذين الفريقين! أنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله عز وجل: " والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " قوموا، فعل الله بكم وفعل!! ذكره النحاس.
الثانية - هذه الآية دليل على وجوب محبة الصحابة، لأنه جعل لمن بعدهم حظا في الفئ ما أقاموا على محبتهم وموالاتهم والاستغفار لهم، وأن من سبهم أو واحدا منهم أو اعتقد فيه شرا إنه لا حق له في الفئ، روي ذلك عن مالك وغيره. قال مالك: من كان يبغض أحدا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أو كان في قلبه عليهم غل، فليس له حق في فئ المسلمين، ثم قرأ " والذين جاءوا من بعدهم " الآية.
الثالثة - هذه الآية تدل على أن الصحيح من أقوال العلماء قسمة المنقول، وإبقاء العقار والأرض شملا (1) بين المسلمين أجمعين، كما فعل عمر رضي الله عنه، إلا أن يجتهد الوالي فينفذ أمرا فيمضي عمله فيه لاختلاف الناس عليه وأن هذه الآية قاضية بذلك، لان الله تعالى أخبر عن الفئ وجعله لثلاث طوائف: المهاجرين والأنصار - وهم معلمون - " والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ". فهي عامة في جميع التابعين والآتين بعدهم إلى يوم الدين. وفي الحديث الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وددت أن رأيت (2) إخواننا) قالوا: يا رسول الله، ألسنا بإخوانك؟ فقال: (بل أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد وأنا فرطهم على الحوض). فبين صلى الله عليه وسلم أن إخوانهم كل من يأتي بعدهم، لا كما قال السدي والكلبي: إنهم الذين هاجروا بعد ذلك. وعن الحسن أيضا " والذين جاءوا من بعدهم " من قصد إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد انقطاع الهجرة.