تفسير القرطبي - القرطبي - ج ١٨ - الصفحة ٢٣٨
وقال النضر بن شميل: المعنى سنحده على شرب الخمر، والخرطوم: الخمر، وجمعه خراطيم، قال الشاعر:
تظل يومك في لهو وفي طرب * وأنت بالليل شراب الخراطيم قال الراجز: (1) * صهباء خرطوما عقارا قرقفا (2) * وقال آخر:
أبا حاضر من يزن يعرف زناؤه * ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكرا الثانية - قال ابن العربي: " كان الوسم في الوجه لذي المعصية قديما عند الناس، حتى أنه روي - كما تقدم - أن اليهود لما أهملوا رجم الزاني اعتاضوا منه بالضرب وتحميم (3) الوجه، وهذا وضع باطل. ومن الوسم الصحيح في الوجه: ما رأى العلماء من تسويد وجه شاهد الزور، علامة على قبح المعصية وتشديدا لمن يتعاطاها لغيره ممن يرجى تجنبه بما يرجى من عقوبة شاهد الزور وشهرته (4)، فقد كان عزيزا بقول الحق وقد صار مهينا بالمعصية. وأعظم الإهانة إهانة الوجه. وكذلك كانت الاستهانة به في طاعة الله سببا (5) لخيرة الأبد والتحريم له على النار، فإن الله تعالى قد حرم على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود، حسب ما ثبت في الصحيح.
قوله تعالى: إنا بلونهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين 17 ولا يستثنون 18 فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون 19

(1) هو العجاج.
(2) كل هذا من أسماه الخمر. وقبله: * فغمها حولين ثم استودفا * وغممت الشئ: غطيته. واستودف اللبن: صبه في الاناء.
(3) تحميم الوجه: تسخيمه بالفحم.
(4) عبارة ابن العربي في أحكامه: "... لغيره لمن يرجى تجنبه يمن يرى من عقوبة... ".
(5) في ابن العربي: " سببا لحياة الأبد "
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست