قوله تعالى: (ثم إني دعوتهم جهارا) أي مظهرا لهم الدعوة. وهو منصوب ب " دعوتهم " نصب المصدر، لان الدعاء أحد نوعيه الجهار، فنصب به نصب القرفصاء بقعد، لكونها أحد أنواع القعود، أو لأنه أراد ب " دعوتهم " جاهرتهم. ويجوز أن يكون صفة لمصدر دعا، أي دعاء جهارا، أي مجاهرا به. ويكون مصدرا في موضع الحال، أي دعوتهم مجاهرا لهم بالدعوة. (ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا) أي لم أبق مجهودا. وقال مجاهد: معنى أعلنت: صحت، " وأسررت لهم إسرارا ". بالدعاء عن بعضهم من بعض.
وقيل: " أسررت لهم " أتيتهم في منازلهم. وكل هذا من نوح عليه السلام مبالغة في الدعاء لهم، وتلطف في الاستدعاء. وفتح الياء من " إني أعلنت لهم " الحرميون وأبو عمرو.
وأسكن الباقون.
قوله تعالى: فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا 10 يرسل السماء عليكم مدرارا 11 ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنت ويجعل لكم أنهرا 12 فيه ثلاث مسائل الأولى - قوله تعالى: (فقلت استغفروا ربكم) أي سلوه المغفرة من ذنوبكم السالفة بإخلاص الايمان. (إنه كان غفارا) وهذا منه ترغيب في التوبة. وقد روى حذيفة ابن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الاستغفار ممحاة للذنوب).
وقال الفضيل: يقول العبد أستغفر الله، وتفسيرها أقلني.
الثانية - قوله تعالى: (يرسل السماء عليكم مدرارا) أي يرسل ماء السماء، ففيه إضمار. وقيل: السماء المطر، أي يرسل المطر. قال الشاعر: (1) إذا سقط السماء بأرض قوم * رعيناه وإن كانوا غضابا