قوله تعالى: (بأسهم بينهم شديد) يعني عداوة بعضهم لبعض. وقال مجاهد:
" بأسهم بينهم شديد " أي بالكلام والوعيد لنفعلن كذا. وقال السدي: المراد اختلاف قلوبهم حتى لا يتفقوا على أمر واحد. وقيل: " بأسهم بينهم شديد " أي إذا لم يلقوا عدوا نسبوا أنفسهم إلى الشدة والبأس، ولكن إذا لقوا العدو انهزموا. " تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى " يعني اليهود والمنافقين، قاله مجاهد. وعنه أيضا يعني المنافقين. الثوري: هم المشركون وأهل الكتاب. وقال قتادة: " تحسبهم جميعا " أي مجتمعين على أمر ورأي. " وقلوبهم شتى " متفرقة. فأهل الباطل مختلفة آراؤهم، مختلفة شهادتهم، مختلفة أهواؤهم وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق. وعن مجاهد أيضا: أراد أن دين المنافقين مخالف لدين اليهود، وهذا ليقوي أنفس المؤمنين عليهم. وقال الشاعر:
إلى الله أشكو نية شقت العصا * هي اليوم شتى وهي أمس جمع وفي قراءة ابن مسعود " وقلوبهم أشت " يعني أشد تشتيتا، أي أشد اختلافا. (ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) أي ذلك التشتيت والكفر بأنهم لا عقل لهم يعقلون به أمر الله.
قوله تعالى: كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم 15 قال ابن عباس: يعني به قينقاع، أمكن الله منهم قبل بني النضير. وقال قتادة: يعني بني النضير، أمكن الله منهم قبل قريظة. مجاهد: يعني كفار قريش يوم بدر. وقيل: هو عام في كل من انتقم منه على كفره قبل بني الضير من نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
ومعنى " وبال " جزاء كفرهم. ومن قال: هم بنو قريظة، جعل " وبال أمرهم " نزولهم على حكم سعد بن معاذ، فحكم فيهم بقتل المقاتلة وسبي الذرية. وهو قول الضحاك. ومن قال المراد بنو النضير قال: " وبال أمرهم " الجلاء والنفي. وكان بين النضير وقريظة سنتان. وكانت وقعة بدر قبل غزوة بني النضير بستة أشهر، فلذلك قال: " قريبا " وقد قال قوم: غزوة بني النضير بعد وقعة أحد. " ولهم عذاب أليم " (1) في الآخرة.