قال مجاهد: تفور بهم كما يفور الحب القليل في الماء الكثير. وقال ابن عباس: تغلي بهم على المرجل، وهذا من شدة لهب النار من شدة الغضب، كما تقول فلان يفور غيظا.
قوله تعالى: تكاد تميز من الغيظ كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير (8) قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شئ إن أنتم إلا في ضلل كبير (9) وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير (10) فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير (11) قوله تعالى: (تكاد تميز من الغيظ) يعني تتقطع وينفصل بعضها من بعض، قاله سعيد ابن جبير. وقال ابن عباس والضحاك وابن زيد: تتفرق. " من الغيظ " من شدة الغيظ على أعداء الله تعالى. وقيل: " من الغيظ " من الغليان. وأصل " تميز " تتميز. (كلما ألقى فيها فوج) أي جماعة من الكفار. (سألهم خزنتها) على جهة التوبيخ والتقريع (ألم يأتكم نذير) أي رسول في الدنيا ينذركم هذا اليوم حتى تحذروا. (قالوا بلى قد جاءنا نذير) أنذرنا وخوفنا. (فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شئ) أي على ألسنتكم. (إن أنتم) يا معشر الرسل.
(إلا في ضلال كبير) اعترفوا بتكذيب الرسل، ثم اعترفوا بجهلهم فقالوا وهم في النار: (لو كنا نسمع) من النذر - يعنى الرسل - ما جاءوا به (أو نقعل) عنهم. قال ابن عباس: لو كنا نسمع الهدى أو نعقله، أو لو كنا نسمع سماع من يعي ويفكر، أو نعقل عقل من يميز وينظر.
ودل هذا على أن الكافر لم يعط من العقل شيئا. وقد مضى في " الطور " (1) بيانه والحمد لله.
(ما كنا في أصحاب السعير) يعني ما كنا من أهل النار. وعن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لقد ندم الفاجر يوم القيامة قالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا