قوله تعالى: " قال قائل منهم " أي من أهل الجنة " إني كان لي قرين " أي صديق ملازم " يقول أئنك لمن المصدقين " أي بالبعث والجزاء. وقال سعيد بن جبير: قرينه شريكه. وقد مضى في " الكهف " ذكرهما وقصتهما والاختلاف في أسميهما مستوفى عند قوله تعالى: " واضرب لهم مثلا رجلين " (1) وفيهما انزل الله جل وعز " قال قائل منهم إني كان لي قرين " إلى " من المحضرين " وقيل: أراد بالقرين قرينه من الشيطان كان يوسوس إليه بإنكار البعث. وقرئ: " أئنك لمن المصدقين " بتشديد الصاد. رواه علي بن كيسة عن سليم عن حمزة. قال النحاس: ولا يجوز " أئنك لمن المصدقين " لأنه لا معنى للصدقة ها هنا. وقال القشيري: وفي قراءة عن حمزة " أئنك لمن المصدقين " بتشديد الصاد.
واعترض عليه بأن هذا من التصديق لا من التصدق. والاعتراض باطل، لأن القراءة إذا ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا مجال للطعن فيها. فالمعنى " أئنك لمن المصدقين " بالمال طلبا في ثواب الآخرة. " أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون " أي مجزيون محاسبون بعد الموت. ف " قال " الله تعالى لأهل الجنة " هل أنتم مطلعون ". وقيل: هو من قول المؤمن لإخوانه في الجنة هل أنتم مطلعون إلى النار لننظر كيف حال ذلك القرين. وقيل:
هو من قول الملائكة. وليس " هل أنتم مطلعون " باستفهام، إنما هو بمعنى الأمر، أي اطلعوا، قاله ابن الأعر أبي وغيره. ومنه لما نزلت آية الخمر، قام عمر قائما بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رفع رأسه إلى السماء، ثم قال: يا رب بيانا أشفى من هذا في الخمر.
فنزلت: " فهل أنتم منتهون " [المائدة: 91] قال: فنادى عمر انتهينا يا ربنا. وقرأ ابن عباس: " هل أنتم مطلعون " بإسكان الطاء خفيفة " فأطلع " بقطع الألف مخففة على معنى هل أنتم مقبلون، فأقبل. قال النحاس " فأطلع فرآه " فيه قولان: أحدهما أن يكون فعلا مستقبلا معناه فأطلع أنا، ويكون منصوبا على أنه جواب الاستفهام. والقول الثاني أن يكون فعلا ماضيا ويكون اطلع وأطلع واحدا. قال الزجاج: يقال طلع وأطلع واطلع بمعنى واحد. وقد حكى