والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد ويقوم إني أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد قوله تعالى. " يا قوم لكم الملك اليوم " هذا من قول مؤمن آل فرعون، وفي قوله " يا قوم " دليل على أنه قبطي، ولذلك أضافهم إلى نفسه فقال: " يا قوم " ليكونوا أقرب إلى قبول وعظه " لكم الملك " فاشكروا الله على ذلك. " ظاهرين في الأرض " أي غالبين وهو نصب على الحال أي في حال ظهوركم. والمراد بالأرض أرض مصر في قول السدي وغيره، كقوله: " وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ". [يوسف: 21] أي في أرض مصر. " فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا " أي من عذاب الله تحذيرا لهم من نقمه إن كان موسى صادقا، فذكر وحذر فعلم فرعون ظهور حجته فقال: " ما أريكم إلا ما أرى ". قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:
ما أشير عليكم إلا ما أرى لنفسي. " وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " في تكذيب موسى والإيمان بي.
قوله تعالى: " وقال الذي آمن يا قوم " زادهم في الوعظ " إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب " يعني أيام العذاب التي عذب فيها المتحزبون على الأنبياء المذكورين فيما بعد.
قوله تعالى: " يا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد " زاد في الوعظ والتخويف وأفصح عن إيمانه، إما مستسلما موطنا نفسه على القتل، أو واثقا بأنهم لا يقصدونه بسوء، وقد وقاه الله شرهم بقوله الحق " فوقاه الله سيئات ما مكروا ". وقراءة العامة " التناد " بتخفيف الدال وهو يوم القيامة، قال أمية بن أبي الصلت:
وبث الخلق فيها إذ دحاها * فهم سكانها حتى التناد سمي بذلك لمناداة الناس بعضهم بعضا، فينادي أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم، وينادي أصحاب الجنة أصحاب النار: " أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا " وينادي أصحاب النار أصحاب الجنة: " أن أفيضوا علينا من الماء " وينادي المنادى أيضا بالشقوة