قلت: وفي سنن ابن ماجة عن عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم بشر برأس أبي جهل ركعتين. وخرج من حديث أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسره - أو يسر به - خر ساجدا شكرا لله. وهذا قول الشافعي وغيره.
الثانية والعشرون - روى الترمذي وغيره واللفظ للغير: أن رجلا من الأنصار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل يستتر بشجرة وهو يقرأ: " ص والقرآن ذي الذكر " فلما بلغ السجدة سجد وسجدت معه الشجرة، فسمعها وهي تقول: اللهم أعظم لي بهذه السجدة أجرا، وارزقني بها شكرا.
قلت: خرج ابن ماجة في سننه عن ابن عباس قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاه رجل فقال: إني رأيت البارحة فيما يرى النائم، كأني أصلي إلى أصل شجرة، فقرأت السجدة [فسجدت] (1) فسجدت الشجرة لسجودي، فسمعتها تقول: اللهم أحطط بها عني وزرا، واكتب لي بها أجرا، وأجعلها لي عندك ذخرا. قال ابن عباس فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ " السجدة " فسجد، فسمعته يقول في سجوده مثل الذي أخبره الرجل عن قول الشجرة. ذكره الثعلبي عن أبي سعيد الخدري، قال: قلت يا رسول الله رأيتني في النوم كأني تحت شجرة والشجرة تقرأ " ص " فلما بلغت السجدة سجدت فيها، فسمعتها تقول في سجودها: اللهم أكتب لي بها أجرا، وحط عني بها وزرا، وارزقني بها شكرا، وتقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود سجدته. فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: " أفسجدت أنت يا أبا سعيد " فقلت: لا والله يا رسول الله. فقال: لقد كنت أحق بالسجود من الشجرة " ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم " ص " حتى بلغ السجدة فسجد، ثم قال مثل ما قالت الشجرة.
الثالثة والعشرون - قوله تعالى: " فغفرنا له ذلك " أي فغفرنا له ذنبه. قال ابن الأنباري: " فغفرنا له ذلك " تام، ثم تبتدئ " وإن له " وقال القشيري: ويجوز الوقف على " فغفرنا له " ثم تبتدئ " ذلك وإن له " كقوله: " هذا وإن للطاغين " [ص: 55] أي الأمر ذلك.