وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب فيه أربع وعشرون مسألة.
الأولى - قوله تعالى: " وهل أتاك نبأ الخصم إذا تسوروا المحراب " " الخصم " يقع على الواحد والاثنين والجماعة، لأن أصله المصدر. قال الشاعر:
وخصم غضاب ينفضون لحاهم * كنفض البراذين العراب المخاليا النحاس: ولا خلاف بين أهل التفسير أنه يراد به ها هنا ملكان. وقيل: " تسوروا " وإن كانا اثنين حملا على الخصم، إذ كان بلفظ الجمع ومضارعا له، مثل الركب والصحب.
تقديره للاثنين ذوا خصم وللجماعة ذوو خصم. ومعنى: " تسوروا المحراب " أتوه من أعلى سوره. يقال: تسور. الحائط تسلقه، والسور حائط المدينة وهو بغير همز، وكذلك السور جمع سورة مثل بسرة وبسر وهي كل منزلة من البناء. ومنه سورة القرآن، لأنها منزلة بعد منزلة مقطوعة عن الأخرى. وقد مضى في مقدمة الكتاب بيان هذا (1). وقول النابغة:
ألم تر أن الله أعطاك سورة * ترى كل ملك دونها يتذبذب يريد شرفا ومنزلة. فأما السؤر بالهمز فهو بقية الطعام في الإناء. ابن العربي: والسؤر الوليمة و بالفارسي. وفي الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب " إن جابرا قد صنع لكم سؤرا فحيهلا بكم " والمحراب هنا الغرفة، لأنهم تسوروا عليه فيها، قال يحيى بن سلام. وقال أبو عبيدة: إنه صدر المجلس، ومنه محراب المسجد. وقد مضى القول فيه في غير موضع (2). " إذا دخلوا على داود " جاءت " إذ " مرتين، لأنهما فعلان. وزعم