وجسم داء التشهر. واختلف علماؤنا في القرية بين الزوجات في الغزو على قولين، الصحيح منهما الاقراع. وبه قال فقهاء الأمصار. وذلك أن السفر بجميعهن لا يمكن، واختيار واحدة منهن إيثار فلم يبق الا القرعة. وكذلك في مسألة الأعبد السنة، فإن كل اثنى منهما ثلث، وهو القدر الذي يجوز له فيه العتق في مرض الموت، وتعيينهما بالتشهي لا يجوز شرعا فلم يبق الا القرعة. وكذلك التشاجر إذا وقع في أعيان المواريث لم يميز الحق الا القرعة فصارت أصلا في تعيين المستحق إذا أشكل. قال: والحق عندي أن تجرى في كل مشكل فذلك أبين لها، وأقوى لفصل الحكم فيها، وأجلى لرفع الاشكال عنها، ولذلك قلنا إن القرعة بين الزوجات في الطلاق كالقرعة بين الإماء في العتق.
السابعة - الاقتراع على إلقاء الآدمي في البحر لا يجوز. وإنما كان ذلك في يونس وزمانه مقدمه لتحقيق برهانه، وزيادة في ايمانه، فإنه لا يجوز لمن كان عاصيا أن يقتل ولا يرمى به في النار أو البحر، وإنما تجرى عليه الحدود والتعزير على مقدار جنايته. وقد ظن بعض الناس أن البحر إذا هال على القوم فاضطروا إلى تخفيف السفينة أن القرعة تضرب عليهم فيطرح بعضهم تخفيفا، وهذا فاسد، فإنها لا تخف برمي بعض الرجال و إنما ذلك في الأموال: ولكنهم يصبرون على قضاء الله عز وجل.
الثامنة - أخبر الله عز وجل أن يونس كان من المسبحين، وأن تسبيحه كان سبب نجاته، ولذلك قيل: إن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا عثر. قال ابن عباس: " من المسبحين " من المصلين المطيعين قبل المعصية. وقال وهب: من العابدين. وقال الحسن:
ما كان له صلاة في بطن الحوت، ولكنه قدم عملا صالحا في حال الرخاء فذكره الله به في حال البلاء، وإن العمل الصالح ليرفع صاحبه، وإذا عثر وجد متكأ.