وقيل: " وسراجا " أي هاديا من ظلم الضلالة، وأنت كالمصباح المضئ. ووصفه بالإنارة لان من السرج ما لا يضئ، إذا قل سليطه (1) ودقت فتيلته. وفي كلام بعضهم: ثلاثة تضنى: رسول بطئ، وسراج لا يضئ، ومائدة ينتظر لها من يجئ. وسئل بعضهم عن الموحشين فقال: ظلام ساتر وسراج فاتر، وأسند النحاس قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الرازي قال حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن شيبان النحوي قال حدثنا قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما نزلت " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا " دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا ومعاذا فقال: (انطلقا فبشرا ولا تعسرا فإنه قد نزل علي الليلة آية " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا - من النار - وداعيا إلى الله - قال - شهادة أن لا إله إلا الله - بإذنه - بأمره - وسراجا منيرا - قال - بالقرآن ".
وقال الزجاج: " وسراجا " أي وذا سراج منير، أي كتاب نير. وأجاز أيضا أن يكون بمعنى: وتاليا كتاب الله.
قوله تعالى: وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا (47) ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا (48) قوله تعالى: " وبشر المؤمنين " الواو عاطفة جملة على جملة، والمعنى منقطع من الذي قبله. أمره تعالى أن يبشر المؤمنين بالفضل الكبير من الله تعالى. وعلى قول الزجاج:
ذا سراج منير، أو وتاليا سراجا منيرا، يكون معطوفا على الكاف لا في " أرسلناك ". قال أبن عطية: قال لنا أبي رضي الله عنه: هذه من أرجى آية عندي في كتاب الله تعالى، لان الله عز وجل قد أمر نبيه أن يبشر المؤمنين بأن لهم عنده فضلا كبيرا، وقد بين تعالى الفضل الكبير في قوله تعالى: " والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون