هذه الآية فيها تأنيس للنبي صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، وتكريم لجميعهم. وهذه الآية تضمنت من أسمائه صلى الله عليه وسلم ستة أسماء ولنبينا صلى الله عليه وسلم أسماء كثيرة وسمات جليلة، ورد ذكرها في الكتاب والسنة والكتب المتقدمة. وقد سماه الله في كتابه محمدا وأحمد. وقال صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه الثقات العدول: (لي خمسة أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب). وفي صحيح مسلم من حديث جبير بن مطعم: وقد سماه الله " رؤوفا رحيما ".
وفيه أيضا عن أبي موسى الأشعري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي لنا نفسه أسماء، فيقول: (أنا محمد وأحمد والمقفي والحاشر ونبي التوبة ونبي الرحمة). وقد تتبع القاضي أبو الفضل عياض في كتابه المسمى (بالشفا) ما جاء في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومما نقل في الكتب المتقدمة (1)، وإطلاق الأمة أسماء كثيرة وصفات عديدة، قد صدقت عليه صلى الله عليه وسلم مسمياتها، ووجدت فيه معانيها.
وقد ذكر القاضي أبو بكر بن العربي في أحكامه في هذه الآية من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم سبعة وستين اسما. وذكر صاحب (وسيلة المتعبدين إلى متابعة سيد المرسلين) عن ابن عباس أن لمحمد صلى الله عليه وسلم مائة وثمانين اسما، من أرادها وجدها هناك.
وقال ابن عباس: لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا ومعاذا، فبعثهما إلى اليمن، وقال: (اذهبا فبشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا فإنه قد أنزل علي...) وقرأ هذه الآية.
قوله تعالى: (شاهدا) قال سعيد عن قتادة: " شاهدا " على أمته بالتبليغ إليهم، وعلى سائر الأمم بتبليغ أنبيائهم، ونحو ذلك. (ومبشرا) معناه للمؤمنين برحمة الله وبالجنة (ونذيرا) معناه للعصاة والمكذبين من النار وعذاب الخلد. (وداعيا إلى الله) الدعاء إلى الله هو تبليغ التوحيد والاخذ به، ومكافحة الكفرة. و (بإذنه) هنا معناه: بأمره إياك، وتقديره ذلك في وقته وأوانه. (وسراجا منيرا) هنا استعارة للنور الذي يتضمنه شرعه.