أو عبد فلم يرد الله تعالى بسابق قضائه ونافذ حكمه أن يقع إصلاح، ولكن جرت مطاعنات وجراحات حتى كاد يفني الفريقان، فعمد بعضهم إلى الجمل فعرقبه، فلما سقط الجمل لجنبه أدرك محمد بن أبي بكر عائشة رضى الله تعالى عنها، فاحتملها إلى البصرة، وخرجت في ثلاثين امرأة، قرنهن علي بها حتى أوصلوها إلى المدينة برة تقية مجتهدة، مصيبة مثابة فيما تأولت، مأجورة فيما فعلت، إذ كل مجتهد في الاحكام مصيب. وقد تقدم في " النحل " (1) اسم هذا الجمل، وبه يعرف ذلك اليوم.
قوله تعالى: (وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله) أي فيما أمر ونهى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) قال الزجاج: قيل يراد به نساء النبي صلى الله عليه وسلم وقيل: يراد به نساؤه وأهله الذين هم أهل بيته، على ما يأتي بيانه بعد.
و " أهل البيت " نصب على المدح. قال: وإن شئت على البدل. قال: ويجوز الرفع والخفض. قال النحاس: إن خفض على أنه بدل من الكاف والميم لم يجز عند أبي العباس محمد بن يزيد، قال لا يبدل من المخاطبة ولا من المخاطب، لأنهما لا يحتاجان إلى تبيين.
" ويطهركم تطهيرا " مصدر فيه معنى التوكيد.
قوله تعالى: واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا (34) فيه ثلاثة مسائل:
الأولى: قوله تعالى: " واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة " هذه الألفاظ تعطي أن أهل البيت نساؤه. وقد اختلف أهل العلم في أهل البيت، من هم؟
فقال عطاء وعكرمة وأبن عباس: هم زوجاته خاصة، لا رجل معهن. وذهبوا إلى أن البيت أريد به مساكن النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: " واذكرن ما يتلى في بيوتكن ".
وقالت فرقة منهم الكلبي: هم علي وفاطمة والحسن والحسين خاصة، وفي هذا أحاديث عن النبي عليه السلام، واحتجوا بقوله تعالى: " ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم "