وهي ثمانمائة سنة، وحكيت لهم سير ذميمة. وقال ابن عباس: ما بين نوح وإدريس.
الكلبي: ما بين نوج وإبراهيم. قيل: إن المرأة كانت تلبس الدرع من اللؤلؤ غير مخيط الجانبين، وتلبس الثياب الرقاق ولا تواري بدنها. وقالت فرقة: ما بين موسى وعيسى.
الشعبي: ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم. أبو العالية: هي زمان داود وسليمان، كان فيه للمرأة قميص من الدر غير مخيط الجانبين. وقال أبو العباس المبرد: والجاهلية الأولى كما تقول الجاهلية الجهلاء، قال: وكان النساء في الجاهلية الجهلاء يظهرن ما يقبح إظهاره، حتى كانت المرأة تجلس مع زوجها وخلها (1)، فينفرد خلها بما فوق الإزار إلى الاعلى، وينفرد زوجها بما دون الإزار إلى الأسفل، وبما سأل أحدهما صاحبه البدل. وقال مجاهد:
كان النساء يتمشين بين الرجال، فذلك التبرج. قال ابن عطية: والذي يظهر عندي أنه أشار للجاهلية التي لحقنها، فأمرن بالنقلة عن سيرتهن فيها، وهي ما كان قبل الشرع من سيرة الكفرة، لأنهم كانوا لا غيرة عندهم وكان أمر النساء دون حجاب، (2) وجعلها أولى بالنسبة إلى ما كن عليه، وليس المعنى أن ثم جاهلية أخرى. وقد أوقع اسم الجاهلية على تلك المدة التي قبل الاسلام، فقالوا: جاهلي في الشعراء. وقال ابن عباس في البخاري: سمعت أبي في الجاهلية يقول، إلى غير هذا.
قلت: وهذا قول حسن. ويعترض بأن العرب كانت أهل قشف وضنك في الغالب، وأن التنعم وإظهار الزينة إنما جرى في الأزمان السابقة، وهي المراد بالجاهلية الأولى، وأن المقصود من الآية مخالفة من قبلهن من المشية على تغنيج وتكسير وإظهار المحاسن للرجال، إلى غير ذلك مما لا يجوز شرعا. وذلك يشمل الأقوال كلها ويعمها فيلزمن البيوت، فإن مست الحاجة إلى الخروج فليكن على تبذل (3) وتستر تام. والله الموفق.
الثالثة - ذكر الثعلبي وغيره: أن عائشة رضي الله عنها كانت إذا قرأت هذه الآية تبكي حتى تبل خمارها. وذكر أن سودة قيل لها: لم لا تحجين ولا تعتمرين كما يفعل