العاشرة - وقسم صلى الله عليه وسلم أموال بني قريظة فأسهم للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهما. وقد قيل: للفارس سهمان وللراجل سهم. وكانت الخيل للمسلمين يومئذ ستة وثلاثين فرسا. ووقع للنبي صلى الله عليه وسلم من سبيهم ريحانة بنت عمرو بن جنافة (1) أحد بني عمرو بن قريظة، فلم تزل عنده إلى أن مات صلى الله عليه وسلم. وقيل: إن غنيمة قريظة هي أول غنيمة قسم فيها للفارس والراجل، وأول غنيمة جعل فيها الخمس. وقد تقدم أن أول ذلك كان في بعث عبد الله بن جحش، فالله أعلم. قال: أبو عمر: وتهذيب ذلك أن تكون غنيمة قريظة أول غنيمة جرى فيها الخمس بعد نزول قوله: " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول " (2) [الأنفال: 41] الآية. وكان عبد الله بن جحش قد خمس قبل ذلك في بعثه، ثم نزل القرآن بمثل ما فعله، وكان ذلك من فضائله رحمة الله عليه.
وكان فتح قريظة في آخر ذي القعدة وأول ذي الحجة من السنة الخامسة من الهجرة.
فلما تم أمر بني قريظة أجيبت دعوة الرجل الفاضل الصالح سعد بن معاذ، فانفجر جرحه، وانفتح عرقه، فجرى دمه ومات رضي الله عنه. وهو الذي أتى الحديث فيه: (اهتز لموته عرش الرحمن) يعني سكان العرش من الملائكة فرحوا بقدوم روحه واهتزوا له. وقال ابن القاسم عن مالك: حدثني يحيى بن سعيد قال: لقد نزل لموت سعد بن معاذ سبعون ألف ملك، ما نزلوا إلى الأرض قبلها. قال مالك: ولم يستشهد يوم الخندق من المسلمين إلا أربعة أو خمسة.
قلت: الذي استشهد يوم الخندق من المسلمين ستة نفر فيما ذكر أهل العلم بالسير: سعد ابن معاذ أبو عمرو من بني عبد الأشهل، وأنس بن أوس بن عتيك، و عبد الله بن سهل، وكلاهما أيضا من بني عبد الأشهل، والطفيل بن النعمان، وثعلبة بن غنمة (3)، وكلاهما من بني سلمة، وكعب بن زيد من بني دينار بن النجار، أصابه سهم غرب (4) فقتله، رضي الله عنهم.