ان كلامه سبحانه ليس بحرف ولا يشبه الحروف. والكلام في هذه المسألة يطول، وتتميمها في كتب الأصول، وقد بيناها في (الكتاب الأسنى، في شرح أسماء الله الحسنى).
فصل - وقد طعن الرافضة - قبحهم الله تعالى - في القران، وقالوا: ان الواحد يكفي في نقل الآية والحرف كما فعلتم فإنكم أثبتم بقول رجل واحد وهو خزيمة بن ثابت وحده اخر سورة " براءة " وقوله: " من المؤمنين رجال ". فالجواب ان خزيمة رضي الله عنه لم جاء بهما تذكرهما كثير من الصحابة، وقد كان زيد يعرفهما، ولذلك قال: فقدت آيتين من اخر سورة " التوبة ". ولو لم يعرفهما لم يدر هل فقد شيئا أو لا، فالآية انما ثبتت بالاجماع لا بخزيمة وحده. جواب ثان - انما ثبتت بشهادة خزيمة وحده لقيام الدليل على صحتها في النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهي قرينة تغني عن طلب شاهد آخر بخلاف آية " الأحزاب " فإن تلك ثبتت بشهادة زيد وأبي خزيمة لسماعهما إياها من النبي صلى الله عليه وسلم. قال معناه المهلب، وذكر أن خزيمة غير أبي خزيمة، وأن أبا خزيمة الذي وجدت معه آية التوبة معروف من الأنصار، وقد عرفه أنس وقال: نحن ورثناه، والتي في الأحزاب وجدت مع خزيمة بن ثابت فلا تعارض، والقضية غير القضية لا إشكال فيها ولا التباس. وقال ابن عبد البر " أبو خزيمة لا يوقف على صحة اسمه وهو مشهور بكنيته، وهو أبو خزيمة بن أوس بن زيد بن أصرم بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار، شهد بدرا وما بعدها من المشاهد، وتوفى في خلافة عثمان بن عفان، وهو أخو مسعود بن أوس. قال ابن شهاب عن عبيد بن السباق عن زيد بن ثابت: وجدت آخر التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري وهو هذا، وليس بينه وبين الحارث بن خزيمة أبي خزيمة نسب إلا اجتماعهما في الأنصار، أحدهما أوسي والآخر خزرجي ". وفي مسلم والبخاري عن أنس بن مالك قال: جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد وقلت لأنس: من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي. وفي البخاري أيضا عن أنس قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل،