سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة: " والنخل باسقات " (1) ذكره مسلم في باب (القراءة في صلاة الفجر) إلى غير ذلك من الأمثلة.
القول الثالث: ان هذه اللغات السبع انما تكون في مضر، قاله قوم، واحتجوا بقول عثمان: نزل القران بلغة مضر، وقالوا: جائز ان يكون منها لقريش، ومنها لكنانة، ومنها لأسد، ومنها لهذيل، ومنها لتيم، ومنها لضبة، ومنها لقيس، قالوا: هذه قبائل مصر تستوعب سبع لغات على هذه المراتب، وقد كان ابن مسعود يحب ان يكون الذين يكتبون المصاحف من مضر. وأنكر آخرون ان تكون كلها من مضر، وقالوا: في مضر شواذ لا يجوز ان يقرأ القرآن بها، مثل كشكشة قيس وتمتمة تميم، فأما كشكشة قيس فإنهم يجعلون كاف المؤنث شينا فيقولون في " جعل ربك تحتك سريا " (2): جعل ربش تحتش سريا، واما تمتمة تميم فيقولون في الناس: النات، وفي أكياس: أكيات. قالوا: هذه لغات يرغب عن القران بها، ولا يحفظ عن السلف فيها شئ.
وقال آخرون: اما ابدال الهمزة عينا وابدال حروف الحلق بعضها من بعض فمشهور عن الفصحاء، وقد قرأ به الجلة، واحتجوا بقراءة ابن مسعود: ليسجننه عتى حين، ذكرها أبو داود، وبقول ذي الرمة:
فعناك عيناها وجيدك جيدها * ولونك الا عنها غير طائل يريد الا انها.
القول الرابع: ما حكاه صاحب الدلائل عن بعض العلماء، وحكى نحوه القاضي ابن الطيب قال: تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعا: منها ما تتغير حركته، ولا يزول معناه ولا صورته، مثل: " هن أطهر لكم " واطهر، " ويضيق صدري " ويضيق. ومنها مالا تتغير صورته ويتغير معناه بالاعراب، مثل: " ربنا باعد بين أسفارنا " وباعد. ومنها ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف، مثل قوله: " ننشزها " وننشرها. ومنها ما تتغير صورته ويبقى معناه: " كالعهن المنفوش " وكالصوف المنفوش.