هذه الغزوة، وجمعت ناسا من العراق والشام والحجاز، فوصف له ما تقدم وقال: اني أخشى عليهم ان يختلفوا في كتابهم كما اختلف اليهود والنصارى.
قلت: وهذا أدل دليل على بطلان من قال: امن المراد بالأحرف السبعة قراءات القراء السبعة، لأن الحق لا يختلف فيه، وقد روى سويد بن غفلة عن علي بن أبي طالب ان عثمان قال: ما ترون في المصاحف؟ فان الناس قد اختلفوا في القراء حتى أن الرجل ليقول:
قراءتي خير من قراءتك، وقراءتي أفضل من قراءتي. وهذا شبيه بالكفر، قلنا: ما الرأي عندك يا أمير المؤمنين؟ قال: الرأي رأيك يما أمير المؤمنين، فأرسل عثمان إلى حفصة:
ان أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها إليه فأمر زيد ابن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاصي وعبد الرحمن بن الحارث به هشام فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرهط القرشيين: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القران فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا. حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وامر بما سوى ذلك من القران في كل صحيفة أو مصحف ان يحرق. وكان هذا من عثمان رضي الله عنه بعد أن جمع المهاجرين والأنصار وجلة أهل الاسلام وشاورهم واطراح ما سواها، واستصوبوا رأيه وكان رأيا سديدا موقفا، رحمة الله عليه وعليهم أجمعين. وقال الطبري فيما روى: ان عثمان قرن بزيد أبان بن سعيد بن العاصي وحده، وهذا ضعيف. وما ذكره البخاري والترمذي وغيرهما أصح. وقال الطبري أيضا: ان الصحف التي كانت عند حفصة جعلت إماما في هذا الجمع الأخير، وهذا صحيح.
وقال ابن شهاب: وأخبرني عبيد الله بن عبد الله ان عبد الله بن مسعود كره لزيد بن ثابت نسخ المصاحف، وقال يا معشر المسلمين، اعزل عن نسخ المصاحف ويتولاه رجل،