لا يظلمون ". فقال جبريل للنبي عليهما السلام: يا محمد ضعها في رأس ثمانين ومائتين من البقرة.
قال أبو الحسن بن بطال: ومن قال بهذا القول لا يقول إن تلاوة القرآن في الصلاة والدرس يجب أن تكون مرتبة على حسب الترتيب الموقف عليه في المصحف، بل إنما يجب تأليف سورة في الرسم والخط خاصة، ولا يعلم أن أحدا منهم قال: إن ترتيب ذلك واجب في الصلاة وفي قراءة القرآن ودرسه، وأنه لا يحل لأحد أن يتلقن الكهف قبل البقرة ولا الحج قبل الكهف، الا ترى قول عائشة رضي الله عنها للذي سألها: لا يضرك أية قرأت قبل، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة السورة في ركعة، ثم يقرأ في ركعة أخرى بغير السورة التي تليها. وأما ما روى عن ابن مسعود وابن عمر أنهما كرها أن يقرأ في القرآن منكوسا، وقالا: ذلك منكوس القلب، فإنما عنيا بذلك من يقرأ السورة منكوسة، ويبتدئ من اخرها إلى أولها لأن ذلك حرام محظور، ومن الناس من يتعاطى هذا في القرآن والشعر ليذلل لسانه بذلك ويقدر على الحفظ، وهذا حظره الله تعالى ومنعه في القرآن، لأنه إفساد لسورة ومخالفة لما قصد بها.
ومما يدل على أنه لا يجب إثباته في المصاحف على تاريخ نزوله ما صح وثبت أن الآيات كانت تنزل بالمدينة فتوضع في السورة المكية، ألا ترى قول عائشة رضي الله عنه: وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده - تعني بالمدينة - وقد قدمتا في المصحف على ما نزل قبلهما من القرآن بمكة، ولو ألفوه على تاريخ النزول لوجب أن ينتقض ترتيب آيات السور.
قال أبو بكر الأنباري: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا حجاج بن منهال حدثنا همام عن قتادة قال: نزل بالمدينة من القرآن البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنفال، وبراءة، والرعد، والنحل، والحج، والنور، والأحزاب، ومحمد، والفتح، والحجرات، والرحمن، والحديد، والمجادلة، والحشر، والممتحنة، والصف، والجمعة، والمنافقون، والتغابن، والطلاق،