هشام بن حكيم لها، والا فكيف يستقيم ان يقول النبي صلى الله عليه وسلم في كل قراءة منهما وقد اختلفا: " هكذا أقرأني جبريل " هل ذلك الا انه أقرأه مرة بهذه ومرة بهذه، وعلى هذا يحمل قول انس حين قرأ: " ان ناشئة الليل هي أشد وطأ وأصوب قيلا " فقيل له:
انما نقرأ " وأقوم قيلا ". فقال انس: وأصوب قيلا، وأقوم قيلا وأهيأ، واحد، فإنما معنى هذا انها مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم، والا فلو كان هذا لاحد من الناس ان يضعه لبطل معنى قوله تعالى: " انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون " (1). روى البخاري ومسلم وغيرهما عن عمر بن الخطاب: قال سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة " الفرقان " على غير ما أقرؤها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها، فكدت ان أعجل عليه، ثم أمهلته حتى انصرف ثم لببته (2) بردائه، فجئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله، اني سمعت هذا يقرأ سورة " الفرقان " على غير ما أقرأتنيها! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أرسله اقرأ " (3) فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هكذا أنزلت " ثم قال لي: " اقرأ " فقرأت فقال: " هكذا أنزلت ان هذا القران انزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه ".
قلت: وفى معنى حديث عمر هذا، ما رواه مسلم عن أبي بن كعب قال: كنت في المسجد فدخل رجل يصلى، قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل اخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ان هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل اخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ، فحسن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما، فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني، ضرب في صدري ففضت عرقا، وكأنما انظر إلى الله تعالى فرقا، فقال لي: " يا أبي ارسل إلى أن اقرأ القران على حرف فرددت إليه ان هون على أمتي فرد إلى الثانية أقرأه على حرفين فرددت إليه ان هون على أمتي