فإذا قبل الله توبة المذنب فلا يحتاج إلى الشفاعة ولا إلى الاستغفار. وأجمع أهل التفسير على أن المراد بقوله " فاغفر للذين تابوا " أي من الشرك " واتبعوا سبيلك " أي سبيل المؤمنين. سألوا الله تعالى أن يغفر لهم ما دون الشرك من ذنوبهم كما قال تعالى " ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " [النساء: 48] فإن قالوا جميع الأمة يرغبون في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم فلو كانت لأهل الكبائر خاصة بطل سؤالهم.
قلنا: إنما يطلب كل مسلم شفاعة الرسول ويرغب إلى الله في أن تناله لاعتقاده أنه غير سالم من الذنوب ولا قاسم لله سبحانه بكل ما افترض عليه بل كل واحد معترف على نفسه بالنقص فهو لذلك يخاف العقاب ويرجو النجاة وقال صلى الله عليه وسلم (لا ينجو أحد إلا برحمة الله تعالى فقيل ولا أنت يا رسول الله؟ فقال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته) الخامسة - قوله تعالى: " ولا يقبل " قرأ ابن كثير وأبو عمرو " تقبل " بالتاء لان الشفاعة مؤنثة. وقرأ الباقون بالياء على التذكير لأنها بمعنى الشفيع. وقال الأخفش: حسن التذكير لأنك قد فرقت كما تقدم في قوله " فتلقى آدم من ربه كلمات " (1) [البقرة: 37] السادسة - قوله تعالى: (ولا يؤخذ منها عدل) أي فداء والعدل (بفتح العين) الفداء و (بكسرها) المثل يقال عدل وعديل للذي يماثلك في الوزن والقدر ويقال عدل الشئ هو الذي يساويه قيمة وقدرا وإن لم يكن من جنسه والعدل (بالكسر) هو الذي يساوي الشئ من جنسه وفى جرمه وحكى الطبري: أن من العرب من يكسر العين من معنى الفدية فأما واحد الاعدال فبالكسر لا غير قوله تعالى: (ولا هم ينصرون) أي يعانون. والنصر العون والأنصار الأعوان ومنه قوله " من أنصاري إلى الله " (2) [آل عمران: 52] أي من يضم نصرته إلى نصرتي وأنتصر الرجل:
أنتقم والنصر: الاتيان يقال: نصرت أرض بني فلان أتيتها قال الشاعر (3):