الثالثة: واختلف العلماء في حكم المصلي بأجرة فروي أشهب عن مالك أنه سئل عن الصلاة خلف من استؤجر في رمضان يقوم للناس فقال: أرجو ألا يكون به بأس وهو أشد كراهة له في الفريضة. وقال الشافعي وأصحابه وأبو ثور: لا بأس بذلك ولا بالصلاة خلفه. وقال الأوزاعي: لا صلاة له. وكرهه أبو حنيفة وأصحابه على ما تقدم. قال ابن عبد البر: وهذه المسألة معلقة من التي قبلها واصلها واحد.
قلت: ويأتي لهذا أصل آخر من الكتاب في " براءة " إن شاء الله تعالى. وكره ابن القاسم أخذ الأجرة على تعليم الشعر والنحو. وقال ابن حبيب: لا بأس بالإجارة على تعليم الشعر والرسائل وأيام العرب ويكره من الشعر ما فيه الخمر والخنا والهجاء. قال أبو الحسن اللخمي: ويلزم على قوله أن يجيز الإجارة على كتبه ويجيز بيع كتبه. وأما الغناء والنوح فممنوع على كل حال الرابعة: روى الدارمي أبو محمد في مسنده أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا محمد ابن عمر بن الكميت قال حدثنا على بن وهب الهمداني قال أخبرنا الضحاك بن موسى قال:
مر سليمان بن عبد الملك بالمدينة - وهو يريد مكة - فأقام بها أياما فقال: هل بالمدينة أحد أدرك أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالوا له: أبو حازم فأرسل إليه فلما دخل عليه قال له: يا أبا حازم ما هذا الجفاء؟ قال أبو حازم: يا أمير المؤمنين وأي جفاء رأيت منى؟ قال: أتاني وجوه أهل المدينة ولم تأتني! قال يا أمير المؤمنين أعيذك بالله أن تقول ما لم يكن ما عرفتني قبل هذا اليوم ولا أنا رأيتك! قال: فالتفت إلى محمد ابن شهاب الزهري فقال: أصاب الشيخ وأخطأت. قال سليمان: يا أبا حازم ما لنا نكره الموت؟! قال: لأنكم أخربتم الآخرة وعمرتم الدنيا فكرهتم أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب قال أصبت يا أبا حازم فكيف القدوم غدا على الله تعالى؟ قال: أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله وأما المسئ فكالآبق يقدم على مولاه. فبكى سليمان وقال: ليت شعري! ما لنا عند الله؟ قال: اعرض عملك على كتاب الله. قال: وأي مكان أجده؟ قال: