" إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم " (1) [الانفطار: 13 - 14]. قال سليمان: فأين رحمة الله يا أبا حازم؟ قال أبو حازم: رحمة الله قريب من المحسنين قال له سليمان: يا أبا حازم فأي عباد الله أكرم؟
قال: أولو المروءة والنهى. قال له سليمان: فأي الأعمال أفضل؟ قال أبو حازم أداء الفرائض مع اجتناب المحارم. قال سليمان: فأي الدعاء أسمع؟ قال دعاء المحسن إليه للمحسن.
فقال: أي الصدقة أفضل؟ قال: للسائل البائس وجهد المقل (2) ليس فيها من ولا أذى.
قال: فأي القول أعدل؟ قال: قول الحق عند من تخافه أو ترجوه. قال: فأي المؤمنين أكيس؟ قال: رجل عمل بطاعة الله ودل الناس عليها. قال: فأي المؤمنين أحمق؟ قال:
رجل انحط في هوى أخيه وهو ظالم فباع آخرته بدنيا غيره قال له سليمان: أصبت فما تقول فيما نحن فيه؟ قال يا أمير المؤمنين أو تعفيني؟ قال له سليمان: لا! ولكن نصيحة تلقيها إلي. قال: يا أمير المؤمنين إن آباءك قهروا الناس بالسيف وأخذوا هذا الملك عنوة على غير مشورة من المسلمين ولا رضاهم حتى قتلوا منهم مقتلة عظيمة فقد ارتحلوا عنها فلو شعرت ما قالوه وما قيل لهم!. فقال له رجل من جلسائه: بئس ما قلت يا أبا حازم! قال أبو حازم: كذبت إن الله أخذ ميثاق العلماء ليبيننه للناس ولا تكتمونه. قال له سليمان:
فكيف لنا أن نصلح؟ قال: تدعون الصلف وتمسكون بالمرؤة وتقسمون بالسوية. قال له سليمان: فكيف لنا بالمأخذ به؟ قال أبو حازم: تأخذه من حله وتضعه في أهله. قال له سليمان: هل لك يا أبا حازم أن تصحبنا فتصيب منا ونصيب منك؟ قال أعوذ بالله!
قال له سليمان: ولم ذاك؟ قال: أخشى أن أركن إليكم شيئا قليلا فيذيقني الله ضعف الحياة وضعف الممات. قال له سليمان ارفع إلينا حوائجك قال: تنجيني من النار وتدخلني الجنة.
قال له سليمان: ليس ذاك إلي! قال له أبو حازم: فما لي إليك حاجة غيرها. قال: فادع لي.
قال أبو حازم: اللهم إن كان سليمان وليك فيسره لخير الدنيا والآخرة وإن كان عدوك فخذ بناصيته إلى ما تحب وترضى قال له سليمان قط! قال أبو حازم: قد أوجزت وأكثرت