السادسة - لا يجوز أن يقال في حق الله تعالى: تائب اسم فاعل من تاب يتوب لأنه ليس لنا أن نطلق عليه من الأسماء والصفات إلا ما أطلقه هو على نفسه أو نبيه عليه السلام أو جماعة المسلمين وإن كان في اللغة محتملا جائزا. هذا هو الصحيح في هذا الباب على ما بيناه في (الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى). قال الله تعالى: " لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار " (1) [التوبة: 117] وقال: " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده " (2) [التوبة: 104]. وإنما قيل لله عز وجل: تواب لمبالغة الفعل وكثرة قبوله توبة عباده لكثرة من يتوب إليه.
السابعة - اعلم أنه ليس لأحد قدرة على خلق التوبة لان الله سبحانه وتعالى هو المنفرد بخلق الأعمال خلافا للمعتزلة ومن قال بقولهم. وكذلك ليس لأحد أن يقبل توبة من أسرف على نفسه ولا أن يعفو عنه. قال علماؤنا: وقد كفرت اليهود والنصارى بهذا الأصل العظيم في الدين " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله " [التوبة: 31] عز وجل وجعلوا لمن أذنب أن يأتي الحبر أو الراهب فيعطيه شيئا ويحط عنه ذنوبه " افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين " (3) [الانعام: 140].
الثامنة - قرأ ابن كثير: " فتلقى آدم من ربه كلمات ". والباقون برفع " آدم " ونصب " كلمات ". والقراءتان ترجعان إلى معنى لان آدم إذا تلقي الكلمات فقد تلقته. وقيل: لما كانت الكلمات هي المنقذة لآدم بتوفيق الله تعالى له لقبول إياها ودعائه بها كانت الكلمات فاعلة وكأن الأصل على هذه القراءة " فتلقت آدم من ربه كلمات " ولكن لما بعد ما بين المؤنث وفعله حسن حذف علامة التأنيث. وهذا أصل يجري في كل القرآن والكلام إذا جاء فعل المؤنث بغير علامة ومنه قولهم: حضر القاضي اليوم امرأة. وقيل: إن الكلمات لما لم يكن تأنيثه حقيقيا حمل على معنى الكلم فذكر. وقرأ الأعمش: " آدم من ربه " مدغما. وقرأ أبو نوفل بن أبي عقرب: " أنه " بفتح الهمزة على معنى لأنه وكسر الباقون على الاستئناف. وأدغم الهاء في الهاء أبو عمرو وعيسى وطلحة فيما حكى أبو حاتم عنهم. وقيل: لا يجوز