الثالثة - قوله تعالى: (من بعد ميثاقه) الميثاق: العهد المؤكد باليمين، مفعال من الوثاقة والمعاهدة، وهي الشدة في العقد والربط ونحوه. والجمع المواثيق على الأصل، لان أصل ميثاق موثاق، صارت الواو ياء لانكسار ما قبلها - والمياثق والمياثيق أيضا، وأنشد ابن الأعرابي:
حمى لا يحل الدهر إلا بإذننا * ولا نسأل الأقوام عهد (1) المياثق والموثق: الميثاق. والمواثقة: المعاهدة، ومنه قوله تعالى: " وميثاقه الذي واثقكم به ".
الرابعة - قوله تعالى: (ويقطعون) القطع معروف، والمصدر - في الرحم - القطيعة، يقال: قطع رحمه قطيعة فهو رجل قطع وقطعة، مثال همزة. وقطعت الحبل قطعا. وقطعت النهر قطوعا. وقطعت الطير قطوعا وقطاعا وقطاعا إذا خرجت من بلد إلى بلد. وأصاب الناس قطعة: إذا قلت مياههم. ورجل به قطع: أي انبهار (2).
الخامسة - قوله تعالى: (ما أمر الله به أن يوصل) " ما " في موضع نصب ب " - يقطعون ". و " أن " إن شئت كانت بدلا من " ما " وإن شئت من الهاء في " به " وهو أحسن. ويجوز أن يكون لئلا يوصل، أي كراهة أن يوصل. واختلف ما الشئ الذي أمر بوصله؟ فقيل: صلة الأرحام. وقيل: أمر أن يوصل القول بالعمل، فقطعوا بينهما بأن قالوا ولم يعملوا. وقيل: أمر أن يوصل التصديق بجميع أنبيائه، فقطعوه بتصديق بعضهم وتكذيب بعضهم. وقيل: الإشارة إلى دين الله وعبادته في الأرض، وإقامة شرائعه وحفظ حدوده. فهي عامة في كل ما أمر الله تعالى به أن يوصل. هذا قول الجمهور، والرحم جزء من هذا.
السادسة - قوله تعالى: (ويفسدون في الأرض) أي يعبدون غير الله تعالى ويجورون في الافعال، إذ هي بحسب شهواتهم، وهذا غاية الفساد.