وعلى التأويل الأول يكونون معذبين بالنار والحجارة. وقد جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل مؤذ في النار). وفي تأويله وجهان: أحدهما - أن كل من آذى الناس في الدنيا عذبه الله في الآخرة بالنار. الثاني - أن كل ما يؤذي الناس في الدنيا من السباع والهوام وغيرها في النار معد لعقوبة أهل النار. وذهب بعض أهل التأويل إلى أن هذه النار المخصوصة بالحجارة هي نار الكافرين خاصة. والله أعلم.
روى مسلم عن العباس بن عبد المطلب قال قلت: يا رسول الله، إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك، فهل نفعه ذلك؟ قال: (نعم وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح (1) - في رواية - ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار). " وقودها " مبتدأ.
" الناس " خبره. " والحجارة " عطف عليهم. وقرأ الحسن ومجاهد وطلحة بن مصرف:
" وقودها " (بضم الواو). وقرأ عبيد بن عمير: " وقيدها الناس ". قال الكسائي والأخفش:
الوقود (بفتح الواو): الحطب، و (بالضم): الفعل، يقال: وقدت النار تقد وقودا (بالضم) ووقدا وقدة [ووقيدا (2) ووقدا] ووقدانا، أي توقدت. وأوقدتها أنا واستوقدتها أيضا. والاتقاد مثل التوقد، والموضع موقد، مثل مجلس، والنار موقدة. والوقدة: شدة الحر، وهي عشرة أيام أو نصف شهر. قال النحاس: يجب على هذا ألا يقرأ إلا " وقودها " [بفتح (3) الواو] لان المعنى حطبها، إلا أن الأخفش قال: وحكى أن بعض العرب يجعل الوقود والوقود بمعنى الحطب والمصدر.
قال النحاس: وذهب إلى أن الأول أكثر، قال: كما أن الوضوء الماء، والوضوء المصدر.
قوله تعالى: (أعدت للكافرين) ظاهره أن غير الكافرين لا يدخلها وليس كذلك، بدليل ما ذكره في غير موضع من الوعيد للمذنبين وبالأحاديث الثابتة في الشفاعة، على ما يأتي.
وفيه دليل على ما يقوله أهل الحق من أن النار موجودة مخلوفة، خلافا للمبتدعة في قولهم:
إنها لم تخلق حتى الآن. وهو القول الذي سقط فيه القاضي منذر بن سعيد البلوطي الأندلسي.
روى مسلم عن عبد الله (4) بن مسعود قال كنا مع رسول الله إذ سمع وجبة (5)،