فجعله كبيت العنكبوت، قالوا: أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن على محمد، أي شئ يصنع؟ فأنزل الله الآية. وقال الحسن وقتادة: لما ذكر الله الذباب والعنكبوت في كتابه وضرب للمشركين به المثل، ضحكت اليهود وقالوا: ما يشبه هذا كلام الله، فأنزل الله الآية.
و " ويستحيي " أصله يستحيي، عينه ولامه حرفا علة، أعلت اللام منه بأن استثقلت الضمة على الياء فسكنت. واسم الفاعل في هذا: مستحي، والجمع مستحيون ومستحيين. وقرأ ابن محيصن " يستحي " بكسر الحاء وياء واحدة ساكنة، وروى عن ابن كثير، وهي لغة تميم وبكر ابن وائل، نقلت فيها حركة الياء الأولى إلى الحاء فسكنت، ثم استثقلت الضمة على الثانية فسكنت، فحذفت إحداهما للالتقاء، واسم الفاعل مستح، والجمع مستحون ومستحين.
قاله الجوهري. واختلف المتأولون في معنى " يستحيي " في هذه الآية فقيل: لا يخشى، ورجحه الطبري، وفي التنزيل: " وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه (1) " [الأحزاب: 37] بمعنى تستحي. وقال غيره:
لا يترك. وقيل: لا يمتنع. وأصل الاستحياء الانقباض عن الشئ والامتناع منه خوفا من مواقعة القبيح، وهذا محال على الله تعالى. وفي صحيح مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:
جاءت أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق. المعنى لا يأمر بالحياء فيه، ولا يمتنع من ذكره.
قوله تعالى: " أن يضرب مثلا ما " " يضرب " معناه يبين، و " أن " مع الفعل في موضع نصب بتقدير حذف من. " مثلا " منصوب بيضرب " بعوضة " في نصبها أربعة أوجه:
الأول - تكون " ما " زائدة، و " بعوضة " بدلا من " مثلا ".
الثاني - تكون " ما " نكرة في موضع نصب على البدل من قوله: " مثلا ". و " بعوضة " نعت لما، فوصفت " ما " بالجنس المنكر لإبهامها لأنها بمعنى قليل، قاله الفراء والزجاج وثعلب.