المعنى استعينوا بمن وجدتموه من علمائكم، وأحضروهم ليشاهدوا ما تأتون به، فيكون الرد على الجميع أوكد في الحجة عليهم.
قلت: هذا هو معنى قول مجاهد. قال مجاهد: معنى: " وادعوا شهداءكم " أي ادعوا ناسا يشهدون لكم، أي يشهدون أنكم عارضتموه. النحاس: " شهداءكم " نصب بالفعل جمع شهيد، يقال: شاهد وشهيد، مثل قادر وقدير. وقوله: (من دون الله) أي من غيره، ودون نقيض فوق، وهو تقصير عن الغاية، ويكون ظرفا. والدون: الحقير الخسيس، قال:
إذا ما علا المرء رام العلاء * ويقنع بالدون من كان دونا ولا يشتق منه فعل، وبعضهم يقول منه: دان يدون دونا. ويقال: هذا دون ذاك، أي أقرب منه. ويقال في الاغراء بالشئ: دونكه. قالت تميم للحجاج: أقبرنا (1) صالحا - وكان قد صلبه - فقال: دونكموه.
قوله تعالى: (إن كنتم صادقين) فيما قلتم من أنكم تقدرون على المعارضة، لقولهم في آية أخرى: " لو نشاء لقلنا (2) مثل هذا " [الأنفال: 31] والصدق: خلاف الكذب، وقد صدق في الحديث.
والصدق: الصلب من الرماح. ويقال: صدقوهم القتال. والصديق: الملازم للصدق.
ويقال: رجل صدق، كما يقال: نعم الرجل. والصداقة مشتقة من الصدق في النصح والود.
قوله تعالى: فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين (24) قوله تعالى: (فإن لم تفعلوا) يعني فيما مضى (ولن تفعلوا) أي تطيقوا ذلك فيما يأتي.
والوقف على هذا على " صادقين " تام. وقال جماعة من المفسرين: معنى الآية وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين ولن تفعلوا، فإن لم تفعلوا فاتقوا النار. فعلى هذا التفسير لا يتم الوقف على " صادقين ".