قوله تعالى: (يكاد البرق يخطف أبصارهم) " يكاد " معناه يقارب، يقال: كاد يفعل كذا إذا قارب ولم يفعل. ويجوز في غير القرآن: يكاد أن يفعل، كما قال رؤبة:
* قد كاد من طول البلى أن يمصحا (1) مشتق من المصح وهو الدرس. والأجود أن تكون بغير " أن "، لأنها لمقاربة الحال، و " أن " تصرف الكلام إلى الاستقبال، وهذا متناف، قال الله عز وجل: " يكاد سنا برقه (2) يذهب بالابصار " [النور: 43]. ومن كلام العرب: كاد النعام يطير، وكاد العروس يكون أميرا، لقربهما من تلك الحال. وكاد فعل متصرف على فعل يفعل. وقد جاء خبره بالاسم وهو قليل، قال:
" وما كدت (3) آئبا ". ويجري مجرى كاد كرب وجعل وقارب وطفق، في كون خبرها بغير " أن "، قال الله عز وجل: " وطفقا (4) يخصفان عليهما من ورق الجنة " [الأعراف: 22] لأنها كلها بمعنى الحال والمقاربة، والحال لا يكون معها " أن "، فأعلم.
قوله تعالى: " يخطف أبصارهم " الخطف: الاخذ بسرعة، ومنه سمي الطير خطافا لسرعته. فمن جعل القرآن مثلا للتخويف فالمعنى أن خوفهم مما ينزل بهم يكاد يذهب أبصارهم. ومن جعله مثلا للبيان الذي في القرآن فالمعنى أنهم جاءهم من البيان ما بهرهم.
ويخطف ويخطف لغتان قرئ بهما. وقد خطفه (بالكسر) يخطفه خطفا، وهي اللغة الجيدة، واللغة الأخرى حكاها الأخفش: خطف يخطف. الجوهري: وهي قليلة رديئة لا تكاد تعرف. وقد قرأ بها يونس في قوله تعالى " يكاد البرق يخطف أبصارهم " وقال النحاس:
في " يخطف " سبعة أوجه، القراءة الفصيحة: يخطف. وقرأ علي بن الحسين ويحيى بن وثاب:
يخطف بكسر الطاء، قال سعيد الأخفش: هي لغة. وقرأ الحسن وقتادة وعاصم الجحدري وأبو رجاء العطاردي بفتح الياء وكسر الخاء والطاء. وروي عن الحسن أيضا أنه قرأ بفتح الخاء. قال الفراء: وقرأ بعض أهل المدينة بإسكان الخاء وتشديد الطاء. قال الكسائي والأخفش والفراء: يجوز " يخطف " بكسر الياء والخاء والطاء. فهذه ستة أوجه موافقة للخط.