ناس نسي قلب فصار نيس تحركت الياء فانفتح ما قبلها فانقلبت ألفا، ثم دخلت الألف واللام فقيل: الناس. قال ابن عباس: نسي آدم عهد الله فسمي إنسانا. وقال عليه السلام:
(نسي آدم فنسيت ذريته). وفي التنزيل: " ولقد عهدنا إلى آدم (1) من قبل فنسي " [طه: 115] وسيأتي.
وعلى هذا فالهمزة زائدة، قال الشاعر:
لا تنسين تلك العهود فإنما * سميت إنسانا لأنك ناسي وقال آخر:
فإن نسيت عهودا منك سالفة * فاغفر فأول ناس أول الناس وقيل: سمي إنسانا لأنسه بحواء. وقيل: لأنسه بربه، فالهمزة أصلية، قال الشاعر:
وما سمي الانسان إلا لأنسه * ولا القلب إلا أنه يتقلب الثالثة - لما ذكر الله جل وتعالى المؤمنين أولا، وبدأ بهم لشرفهم وفضلهم، ذكر الكافرين في مقابلتهم، إذ الكفر والايمان طرفان. ثم ذكر المنافقين بعدهم وألحقهم بالكافرين قبلهم، لنفي الايمان عنهم بقوله الحق: " وما هم بمؤمنين ". ففي هذا رد على الكرامية حيث قالوا: إن الايمان قول باللسان وإن لم يعتقد بالقلب، واحتجوا بقوله تعالى: " فأثابهم الله (2) بما قالوا " [المائدة: 85]. ولم يقل: بما قالوا وأضمروا، وبقوله عليه السلام: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم). وهذا منهم قصور وجمود، وترك نظر لما نطق به القرآن والسنة من العمل مع القول والاعتقاد، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الايمان معرفة بالقلب وقول باللسان وعمل بالأركان). أخرجه ابن ماجة في سننه. فما ذهب إليه محمد بن كرام السجستاني وأصحابه هو النفاق وعين الشقاق، ونعوذ بالله من الخذلان وسوء الاعتقاد.
الرابعة - قال علماؤنا رحمة الله عليهم: المؤمن ضربان: مؤمن يحبه الله ويواليه، ومؤمن لا يحبه الله ولا يواليه، بل يبغضه ويعاديه، فكل من علم الله أنه يوافي بالايمان، فالله محب له، موال له، راضي عنه. وكل من علم الله أنه يوافي بالكفر، فالله مبغض له، ساخط