يأتوا إليهم مثل ما أتوا إليهم أو يعفوا ويصبروا فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأعز الله سلطانه نسخ ما كان تقدم من ذلك رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما.
والثاني: أنه كان في أول الأمر إذا اعتدي على الإنسان فله أن يقتص لنفسه بنفسه من غير مرافعة إلى سلطان المسلمين ثم نسخ ذلك بوجوب الرجوع إلى السلطان في إقامة الحدود والقصاص قال شيخنا: وممن حكى ذلك عنه ابن عباس رضي الله عنهما قلت: وهذا لا يثبت عن ابن عباس ولا يعرف له صحة فإن الناس ما زالوا يرجعون إلى رؤسائهم وسلاطينهم في الجاهلية والإسلام إلا أنه لو أن إنسانا استوفى حق نفسه من خصيمه من غير سلطان أجزأ ذلك وهل يجوز له ذلك؟ فيه روايتان عن أحمد.
والثالث: أن معنى الآية فمن اعتدى عليكم في الشهر الحرام فاعتدوا عليه فيه ثم نسخ ذلك وهذا مذكور عن مجاهد ولا يثبت ولو ثبت كان مردودا بأن دفع الاعتداء جائز في جميع الأزمنة عند جميع العلماء وهذا حكم غير منسوخ والصحيح في هذه الآية أنها محكمة غير منسوخة فأما أولها فإن المشركين لما منعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخول مكة في شهر حرام اقتص لنبيه عليه السلام بإدخاله مكة في شهر حرام.
أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك قال: أبنا أحمد بن المشن بن خيرون وأبو طاهر الباقلاوي قال: أبنا أبو علي بن شاذان قال: أبنا أحمد بن كامل القاضي قال: أبنا محمد بن سعد العوفي قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي الحسين بن حسن بن عطية قال: حدثني أبي عن جدي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان المشركون حبسوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة عن البيت ففخروا عليه بذلك فرجعه الله في ذي القعدة فأدخله البيت الحرام فاقتص له منهم فأما قوله: * (فمن اعتدى عليكم) *