" أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر فأمر بقتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة " وهذا باطل من وجهين:
الأول: أن القرآن لا ينسخ إلا القرآن ولو أجزنا نسخه بالسنة لاحتجنا حديث إلى أن نعتبر في نقل ذلك الناسخ ما اعتبر في نقل المنسوخ وطريق الرواية لا يثبت ثبوت القرآن.
والثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين أنه إنما خص بالإباحة في ساعة من نهار والتخصيص ليس بنسخ لأن النسخ ما رفع الحكم على الدوام كما كان ثبوت حكم المنسوخ على الدوام فالحديث دال على التخصيص لا على النسخ، ثم إنما يكون النسخ مع تضاد اجتماع الناسخ والمنسوخ، وقد أمكن الجمع بين ما ادعوه ناسخا ومنسوخا وصح العمل بهما فيكون قوله: * (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) * وقوله:
* (قاتلوهم حتى لا تكون فتنة) * في غير الحرم بدليل قوله: * (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه) * وكذلك قوله: * (اقتلوهم حيث ثقفتموهم) * أي في غير الحرم بدليل قوله عقيب ذلك * (واخرجوهم من حيث أخرجوكم) * ولو جاز قتلهم في الحرم لم يحتج إلى ذكر الإخراج فقد بان مما أوضحنا إحكام الآية وانتفى النسخ عنها.
ذكر الآية الثامنة عشرة:
قوله تعالى: * (فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم) * اختلف المفسرون في المراد بهذا الانتهاء على قولين:
الأول: أنه الانتهاء عن الكفر.
والثاني: عن قتال المسلمين لا عن الكفر فعلى القول الأول الآية محكمة والثاني يختلف في المعنى فمن المفسرين من يقول: (فإن الله غفور رحيم) إذ لم يأمركم بقتالهم