فقال سعيد بن جبير: كان المشركون قد عاهدوه يوم الحديبية أن يخلوا له مكة ولأصحابه العام المقبل ثلاثة أيام فلما جاء العام الذي كان الشرط بينهما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه محرمين بعمرة فخافوا أن لا يوف لهم المشركون بما شرطوا وأن يقتلوهم عند المسجد الحرام وكره المسلمون القتال في شهر حرام وبلد حرام فنزلت * (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه) * أي: من قاتلكم من المشركين في الحرم فقاتلوه فإن قال قائل: فكيف يسمى الجزاء اعتداء فالجواب: إن صورة الفعلين واحدة وإن اختلف حكمهما قال الزجاج: والعرب تقول: ظلمني فلان فظلمته: أي: جازيته بظلمه وجهل علي فجهلت عليه أي جازيته بجهله.
قلت: فقد بان بما ذكرنا أن الآية محكمة ولا وجه لدخولها في المنسوخ أصلا.
ذكر الآية العشرين:
قوله تعالى: * (وأتموا الحج والعمرة لله) * اختلف المفسرون في المراد بإتمامها على خمسة أقوال:
الأول: أن يحرم بهما من دويرة أهله قاله علي وسعيد بن جبير وطاوس.
والثاني: الإتيان بما أمر الله به فيهما قاله مجاهد.
والثالث: إفراد كل واحد عن الآخر. قال الحسن وعطاء.
والرابع: أن لا يفسخهما بعد الشروع فيهما رواه عطاء عن ابن عباس.
والخامس: أن يخرج قاصدا لهما لا يقصد شيئا آخر من تجارة أو غيرها وهذا القول فيه بعد وقد ادعى بعض العلماء على قائله أنه يزعم أن الآية نسخت بقوله