تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٠٣
إنفاق المال وقوله بعد: " وما يغني عنه ماله إذا تردى ".
وقوله: " واتقى " كالمفسر للاعطاء يفيد أن المراد هو الاعطاء على سبيل التقوى الدينية.
وقوله: " وصدق بالحسنى " الحسنى صفة قائمة مقام الموصوف والظاهر أن التقدير بالعدة الحسنى وهي ما وعد الله من الثواب على الانفاق لوجهه الكريم وهو تصديق البعث والايمان به ولازمه الايمان بوحدانيته تعالى في الربوبية والألوهية، وكذا الايمان بالرسالة فإنها طريف بلوغ وعده تعالى لثواب.
ومحصل الآيتين أن يكون مؤمنا بالله ورسوله واليوم الآخر وينفق المال لوجه الله وابتغاء ثوابه الذي وعده بلسان رسوله.
وقوله: " فسنيسره لليسرى " التيسير التهيئة والاعداد واليسرى الخصلة التي فيها يسر من غير عسر، وتوصيفها باليسر بنوع من التجوز فالمراد من تيسيره اليسرى توفيقه في للأعمال الصالحة وتسهيلها عليه من غير تعسير أو جعله مستعدا للحياة السعيدة عند ربه ودخول الجنة بسبب الأعمال الصالحة التي يأتي بها، والوجه الثاني أقرب وأوضح انطباقا على ما هو المعهود من مواعد القرآن.
قوله تعالى: " وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وما يغني عنه ماله إذا تردى " البخل مقابل الاعطاء، والاستغناء طالب الغنى والثروة بالامساك والجمع، والمراد بالتكذيب بالحسنى الكفر بالعدة الحسنى وثواب الله الذي بلغه الأنبياء والرسل ورجع إلى إنكار البعث.
والمراد بتيسيره للعسرى خذلانه بعدم توفيقه للأعمال الصالحة، بتثقيلها عليه وعدم شرح صدره للايمان أو أعداده للعذاب.
وقوله: " وما يغني عنه ماله إذا تردى " التردي هو السقوط من مكان عال ويطلق على الهلاك فالمراد سقوطه في حفرة القبر أو في جهنم أو هلاكه.
و " ما " استفهامية أو نافية أي أي شئ يغنيه ماله إذا مات وهلك أو ليس يغني عنه ماله إذا مات وهلك.
قوله تعالى: " إن علينا للهدى وإن لنا للآخرة والأولى " تعليل لما تقدم من حديث تيسيره لليسرى وللعسرى أو الاخبار به بأوجز بيان، محصله أنا إنما نفعل هذا التيسير أو نبين هذا البيان لأنه من الهدى والهدى علينا لا يزاحمنا في ذلك شئ ولا يمنعنا عنه مانع.
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»
الفهرست