تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٠٦
الناس كلهم فمما لا يساعد عليه السياق البتة.
والمراد بصلي النار اتباعها ولزومها فيفيد معنى الخلود وهو مما قضى الله به في حق الكافر، قال تعالى: " والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " البقرة: 39.
وبذلك يندفع ما قيل: إن قوله: " لا يصلاها إلا الأشقى " ينفي عذاب النار عن فساق المؤمنين على ما هو لازم القصر في الآية، وجه الاندفاع أن الآية إنما تنفي عن غير الكافر الخلود فيها دون أصل الدخول.
قوله تعالى: " وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لاحد عنده من نعمة تجزى " التجنيب التبعيد، وضمير " سيجنبها " للنار، والمعنى سيبعد عن النار الأتقى.
والمراد بالأتقى من هو أتقى من غيره ممن يتقي المخاطر فهناك من يتقي ضيعة النفوس كالموت والقتل ومن يتقي فساد الأموال ومن يتقي العدم والفقر فيمسك عن بذل المال وهكذا ومنهم من يتقي الله فيبذل المال، وأتقى هؤلاء الطوائف من يتقي الله فيبذل المال لوجهه وإن شئت فقل يتقي خسران الآخرة فيتزكى بالاعطاء.
فالمفضل عليه للأتقى هو من لا يتقي بإعطاء المال وإن اتقى سائر المخاطر الدنيوية أو اتقى الله بسائر الأعمال الصالحة.
فالآية عامة بحسب مدلولها غير خاصة ويدل عليه توصيف الأتقى بقوله: " الذي يؤتي ماله " الخ وهو وصف عام وكذا ما يتلوه، ولا ينافي ذلك كون الآيات أو جميع السورة نازلة لسبب خاص كما ورد في أسباب النزول.
وأما إطلاق المفضل عليه بحيث يشمل جميع الناس من طالح أو صالح ولازمه انحصار المفضل في واحد مطلقا أو واحد في كل عصر، ويكون المعنى وسيجنبها من هو أتقى الناس كلهم وكذا المعنى في نظيره: لا يصلاها إلا أشقى الناس كلهم فلا يساعد عليه سياق آيات صدر السورة، وكذا الانذار العام الذي في قوله: " فأنذرتكم نارا تلظى " فلا معنى لان يقال: أنذرتكم جميعا نارا لا يخلد فيها إلا واحد منكم جميعا ولا ينجو منها إلا واحد منكم جميعا.
وقوله: " الذي يؤتي ماله يتزكى " صفة للأتقى أي الذي يعطي وينفق ماله يطلب بذلك أن ينمو نماء صالحا.
(٣٠٦)
مفاتيح البحث: الضياع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»
الفهرست