تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٠٧
وقوله: " وما لاحد عنده من نعمة تجزى " تقرير لمضمون الآية السابقة أي ليس لأحد عنده من نعمة تجزى تلك النعمة بما يؤتيه من المال وتكافأ وإنما يؤتيه لوجه الله ويؤيد هذا المعنى تعقيبه بقوله: " إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى ".
فالتقدير من نعمة تجزى به، وإنما حذف الظرف رعاية للفواصل، ويندفع بذلك ما قيل: إن بناء " تجزى " للمفعول لان القصد ليس لفاعل معين.
قوله تعالى: " إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى " استثناء منقطع والمعنى ولكنه يؤتي ماله طلبا لوجه ربه الاعلى وقد تقدم كلام في معنى وجه الله تعالى وفي معنى الاسم الاعلى.
قوله تعالى: " ولسوف يرضى " أي ولسوف يرضى هذا الأتقى بما يؤتيه ربه الاعلى من الاجر الجزيل والجزاء الحسن الجميل.
وفي ذكر صفتي الرب والأعلى إشعار بأن ما يؤتاه من الجزاء أنعم الجزاء وأعلاه وهو المناسب لربوبيته تعالى وعلوه، ومن هنا يظهر وجه الالتفات في الآية السابقة في قوله:
" وجه ربه الاعلى " من سياق التكلم وحده إلى الغيبة بالإشارة إلى الوصفين: ربه الاعلى.
(بحث روائي) في الكافي بإسناده عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: قول الله عز وجل " والليل إذا يغشى " " والنجم إذا هوى " وما أشبه ذلك؟ فقال: إن لله عز وجل أن يقسم من خلقه بما شاء، وليس لخلقه أن يقسموا إلا به.
أقول: ورواه في الفقيه بإسناده عن علي بن مهزيار عن أبي جعفر الثاني عليه السلام.
وفي تفسير القمي في قوله تعالى: " والليل إذا يغشى " قال: حين يغشى النهار وهو قسم.
وعن الحميري في قرب الاسناد عن أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول في تفسير " والليل إذا يغشى " إن رجلا كان لرجل في حائطه نخلة فكان يضر به فشكى ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدعاه فقال: أعطني نخلتك بنخلة في الجنة فأبى فسمع ذلك رجل من الأنصار يكنى أبا الدحداح فجاء إلى صاحب النخلة فقال: بعني نخلتك بحائطي فباعه فجاءه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله قد اشتريت نخلة فلان بحائطي فقال رسول الله: لك بدلها نخلة في الجنة.
فأنزل الله تعالى على نبيه " وما خلق الزوجين الذكر والأنثى إن سعيكم لشتى فأما
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»
الفهرست