بالمتظاهرين بالكفر من المشركين وغيرهم.
وقولهم: ماذا أراد الله بهذا مثلا " أرادوا به التحقير والتهكم يشيرون بهذا إلى قوله تعالى: " عليها تسعة عشر " والمثل الوصف، والمعنى ما الذي يعنيه من وصف الخزنة بأنهم تسعة عشر؟ فهذه العدة القليلة كيف تقوى على تعذيب أكثر الثقلين من الجن والإنس؟
(ذنابة لما تقدم من الكلام في النفاق) ذكر بعضهم أن قوله تعالى: " وليقول الذين في قلوبهم مرض " الآية - بناء على أن السورة بتمامها مكية، وأن النفاق إنما حدث بالمدينة - إخبار عما سيحدث من المغيبات بعد الهجرة. انتهى.
أما كون السورة بتمامها مكية فهو المتعين من طريق النقل وقد ادعي عليه اجماع المفسرين، وما نقل عن مقاتل أن قوله: " وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة " الآية مدني لم يثبت من طريق النقل، وعلى فرض الثبوت هو قول نظري مبني على حدوث النفاق بالمدينة والآية تخبر عنه.
وأما حديث حدوث النفاق بالمدينة فقد أصر عليه بعضهم محتجا عليه بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين لم يكونوا قبل الهجرة من القوة ونفوذ الامر وسعة الطول بحيث يهابهم الناس أو يرجى منهم خير حتى يتقوهم ويظهروا لهم الايمان ويلحقوا بجمعهم مع إبطان الكفر وهذا بخلاف حالهم بالمدينة بعد الهجرة.
والحجة غير تامة - كما أشرنا إليه في تفسير سورة المنافقون في كلام حول النفاق - فإن علل النفاق ليست تنحصر في المخافة والاتقاء أو الاستدرار من خير معجل فمن علله الطمع ولو في نفع مؤجل ومنها العصبية والحمية ومنها استقرار العادة ومنها غير ذلك.
ولا دليل على انتفاء جميع هذه العلل عن جميع من آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بمكة قبل الهجرة وقد نقل عن بعضهم أنه آمن ثم رجع أو آمن عن ريب ثم صلح.
على أنه تعالى يقول: " ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أو ليس الله بأعلم بما في