تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٠٢
(بيان) غرض السورة الانذار وتسلك إليه بالإشارة إلى اختلاف مساعي الناس وأن منهم من أنفق واتقى وصدق بالحسنى فسيمكنه الله من حياة خالدة سعيدة ومنهم من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسيسلك الله به إلى شقاء العاقبة، وفي السورة اهتمام وعناية خاصة بأمر الانفاق المالي.
والسورة تحتمل المكية والمدنية بحسب سياقها.
قوله تعالى: " والليل إذا يغشى " إقسام بالليل إذا يغشى النهار على حد قوله تعالى:
" يغشي الليل النهار " الأعراف: 54، ويحتمل أن يكون المراد غشيانه الأرض أو الشمس.
قوله تعالى: " والنهار إذا تجلى " عطف على الليل، والتجلي ظهور الشئ بعد خفائه، والتعبير عن صفة الليل بالمضارع وعن صفة النهار بالماضي حيث قيل: " يغشى " و " تجلى " تقدم فيه وجه في تفسير أول السورة السابقة.
قوله تعالى: " وما خلق الذكر والأنثى " عطف على الليل كسابقة، و " ما " موصولة والمراد به الله سبحانه وإنما عبر بما، دون من، إيثارا للابهام المشعر بالتعظيم والتفخيم والمعنى وأقسم بالشئ العجيب الذي أوجد الذكر والأنثى المختلفين على كونهما من نوع واحد.
وقيل: ما مصدرية والمعنى وأقسم بخلق الذكر والأنثى وهو ضعيف.
والمراد بالذكر والأنثى مطلق الذكر والأنثى أينما تحققا، وقيل: الذكر والأنثى من الانسان، وقيل: المراد بهما آدم وزوجته حواء، وأوجه الوجوه أولها.
قوله تعالى: " إن سعيكم لشتى " السعي هو المشي السريع، والمراد به العمل من حيث يهتم به، وهو في معنى الجمع، وشتى جمع شتيت بمعنى المتفرق كمرضى جمع مريض.
والجملة جواب القسم والمعنى أقسم بهذه المتفرقات خلقا وأثرا إن مساعيكم لمتفرقات في نفسها وآثارها فمنها إعطاء وتقوى وتصديق ولها أثر خاص بها، ومنها بخل واستغناء وتكذيب ولها أثر خاص بها.
قوله تعالى: " فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى " تفصيل تفرق مساعيهم واختلاف آثارها.
والمراد بالاعطاء إنفاق المال لوجه الله بقرينة مقابلته للبخل الظاهر في الامساك عن
(٣٠٢)
مفاتيح البحث: الشقاء (1)، الصدق (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»
الفهرست