قوله تعالى: " كذبت ثمود بطغواها " الطغوى مصدر كالطغيان، والباء للسببية.
والآية وما يتلوها إلى آخر السورة استشهاد وتقرير لما تقدم من قوله " قد أفلح من زكاها " الخ.
قوله تعالى: " إذ انبعث أشقاها " ظرف لقوله: " كذبت " أو لقوله: " بطغواها " والمراد بأشقى ثمود هو الذي عقر الناقة واسمه على ما في الروايات قدار بن سالف وقد كان انبعاثه ببعث القوم كما تدل عليه الآيات التالية بما فيها من ضمائر الجمع.
قوله تعالى: " فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها " المراد برسول الله صالح عليه السلام نبي ثمود، وقوله: " ناقة الله " منصوب على التحذير، وقوله: " وسقياها " معطوف عليه.
والمعنى فقال لهم صالح برسالة من الله: احذروا ناقة الله وسقياها ولا تتعرضوا لها بقتلها أو منعها عن نوبتها في شرب الماء، وقد فصل الله القصة في سورة هود وغيرها.
قوله تعالى: " فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها " العقر إصابة أصل الشئ ويطلق على نحر البعير والقتل، والدمدمة على الشئ الاطباق عليه يقال:
دمدم عليه القبر أي أطبقه عليه والمراد شمولهم بعذاب يقطع دابرهم ويمحو أثرهم بسبب ذنبهم.
وقوله: " فسواها " الظاهر أن الضمير لثمود باعتبار أنهم قبيلة أي فسواها بالأرض أو هو تسوية الأرض بمعنى تسطيحها واعفاء ما فيها من ارتفاع وانخفاض.
وقيل: الضمير للدمدمة المفهومة من قوله: " فدمدم " والمعنى فسوى الدمدمة بينهم فلم يفلت منهم قوي ولا ضعيف ولا كبير ولا صغير.
قوله تعالى: " ولا يخاف عقباها " الضمير للدمدمة أو التسوية، والواو للاستئناف أو الحال.
والمعنى: ولا يخاف ربهم عاقبة الدمدمة عليهم وتسويتهم كما يخاف الملوك والأقوياء عاقبة عقاب أعدائهم وتبعته، لان عواقب الأمور هي ما يريده وعلى وفق ما يأذن فيه فالآية قريبة المعنى من قوله تعالى: " لا يسأل عما يفعل وهم يسألون " الأنبياء: 23.
وقيل: ضمير " لا يخاف " للأشقى، والمعنى ولا يخاف عاقر الناقة عقبى ما صنع بها.
وقيل: ضمير " لا يخاف " لصالح وضمير " عقباها " للدمدمة والمعنى ولا يخاف صالح عقبى الدمدمة عليهم لثقته بالنجاة وضعف الوجهين ظاهر.