تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٦٤
وسياق الآيات في صدر السورة سياق مكي وأما ذيلها أعني قوله: " قد أفلح من تزكى " الخ فقد ورد من طرق أئمة أهل البيت عليهم السلام وكذا من طريق أهل السنة أن المراد به زكاة الفطرة وصلاة العيد ومن المعلوم أن الصوم وما يتبعه من زكاة الفطرة وصلاة العيد إنما شرعت بالمدينة بعد الهجرة فتكون آيات الذيل نازلة بالمدينة.
فالسورة صدرها مكي وذيلها مدني، ولا ينافي ذلك ما جاء في الآثار أن السورة مكية فإنه لا يأبى الحمل على صدر السورة.
قوله تعالى: " سبح اسم ربك الاعلى " أمر بتنزيه اسمه تعالى وتقديسه، وإذ علق التنزيه على الاسم - وظاهر اللفظ الدال على المسمى - والاسم إنما يقع في القول فتنزيهه أن لا يذكر معه ما هو تعالى منزه عنه كذكر الآلهة والشركاء والشفعاء ونسبة الربوبية إليهم وكذكر بعض ما يختص به تعالى كالخلق والايجاد والرزق والاحياء والإماتة ونحوها ونسبته إلى غيره تعالى أو كذكر بعض ما لا يليق بساحة قدسه تعالى من الافعال كالعجز والجهل والظلم والغفلة وما يشبهها من صفات النقص والشين ونسبته إليه تعالى.
وبالجملة تنزيه اسمه تعالى أن يجرد القول عن ذكر ما لا يناسب ذكره ذكر اسمه تعالى وهو تنزيهه تعالى في مرحلة القول الموافق لتنزيهه في مرحلة الفعل.
وهو يلازم التوحيد الكامل بنفي الشرك الجلي كما في قوله: " وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون " الزمر 45 " وقوله: " وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا " أسرى: 46.
وفي إضافة الاسم إلى الرب والرب إلى ضمير الخطاب تأييد لما قدمناه فإن المعنى سبح اسم ربك الذي اتخذته ربا وأنت تدعو إلى أنه الرب الاله فلا يقعن في كلامك مع ذكر اسمه بالربوبية ذكر من غيره بحيث ينافي تسميه بالربوبية على ما عرف نفسه لك.
وقوله: " الاعلى " وهو الذي يعلو كل عال ويقهر كل شئ صفة " ربك " دون الاسم ويعلل بمعناه الحكم أي سبح اسمه لأنه أعلى.
وقيل: معنى " سبح اسم ربك الاعلى " قل: سبحان ربي الاعلى كما عن ابن عباس ونسب إليه أيضا أن المعنى صل.
وقيل: المراد بالاسم المسمى والمعنى نزهه تعالى عن كل ما لا يليق بساحة قدسه من الصفات والافعال.
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست