تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٦٥
وقيل: إنه ذكر الاسم والمراد به تعظيم المسمى واستشهد عليه بقول لبيد، " إلى الحول ثم اسم السلام عليكما " فالمعنى سبح ربك الاعلى.
وقيل: المراد تنزيه أسمائه تعالى عما لا يليق بأن لا يؤول مما ورد منها اسم من غير مقتض، ولا يبقى على ظاهره إذا كان ما وضع له لا يصح له تعالى، ولا يطلقه على غيره تعالى إذا كان مختصا كاسم الجلالة ولا يتلفظ به في محل لا يناسبه كبيت الخلاء، وعلى هذا القياس وما قدمناه من المعنى أوسع وأشمل وأنسب لسياق قوله الآتي " سنقرئك فلا تنسى " " ونيسرك لليسرى فذكر " فإن السياق سياق البعث إلى التذكرة والتبليغ فبدئ أولا بإصلاح كلامه صلى الله عليه وآله وسلم وتجريده عن كل ما يشعر بجلي الشرك وخفية بأمره بتنزيه اسم ربه، ووعد ثانيا بإقرائه بحيث لا ينسى شيئا مما أوحي إليه وتسهيل طريقة التبليغ عليه ثم امر بالتذكير والتبليغ فافهم.
قوله تعالى: " الذي خلق فسوى " خلق الشئ جمع أجزائه، وتسويته جعلها متساوية بحيث يوضع كل في موضعه الذي يليق به ويعطى حقه كوضع كل عضو من أعضاء الانسان فيما يناسبه من الموضع.
والخلق والتسوية وإن كانا مطلقين لكنهما إنما يشملان ما فيه تركيب أو شائبة تركيب من المخلوقات.
والآية إلى تمام أربع آيات تصف التدبير الإلهي وهي برهان على ربوبيته تعالى المطلقة.
قوله تعالى: " والذي قدر فهدى " أي جعل الأشياء التي خلقها على مقادير مخصوصة وحدود معينة في ذواتها وصفاتها وأفعالها لا تتعداها وجهزها بما يناسب ما قدر لها فهداها إلى ما قدر فكل يسلك نحو ما قدر له بهداية ربانية تكوينية كالطفل يهتدي إلى ثدي أمه والفرخ إلى زق أمه وأبيه، والذكر إلى الأنثى وذي النفع إلى نفعه وعلى هذا القياس.
قال تعالى: " وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم " الحجر:
21، وقال: " ثم السبيل يسره " عبس: 20، وقال: " لكل وجهة هو موليها " البقرة: 148.
قوله تعالى: " والذي أخرج المرعى " المرعى ما ترعاه الدواب فالله تعالى هو الذي أخرجها أي أنبتها.
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست