نعيا عليهم كأنه قيل: افعل ما أمرت به لتوجر وإن لم ينتفعوا به.
وفيه أنه يرده قوله تعالى بعده بلا فصل: " سيذكر من يخشى ".
قوله تعالى: " سيذكر من يخشى " أي سيتذكر ويتعظ بالقرآن من في قلبه شئ من خشية الله وخوف عقابه.
قوله تعالى: " ويتجنبها الأشقى " الضمير للذكرى والمراد بالأشقى بقرينة المقابلة من ليس في قلبه شئ من خشية الله تعالى، وتجنب الشئ التباعد عنه، والمعنى وسيتباعد عن الذكرى من لا يخشى الله.
قوله تعالى: " الذي يصلى النار الكبرى " الظاهر أن المراد بالنار الكبرى نار جهنم وهي نار كبرى بالقياس إلى نار الدنيا، وقيل: المراد بها أسفل دركات جهنم وهي أشدها عذابا.
قوله تعالى: " ثم لا يموت فيها ولا يحيى " ثم للتراخي بحسب رتبة الكلام، والمراد من نفي الموت والحياة عنه معا نفي النجاة نفيا مؤبدا فإن النجاة بمعنى انقطاع العذاب بأحد أمرين إما بالموت حتى ينقطع عنه العذاب بانقطاع وجوده واما يتبدل صفة الحياة من الشقاء إلى السعادة ومن العذاب إلى الراحة فالمراد بالحياة في الآية الحياة الطيبة على حد قولهم في الحرض: لا حي فيرجى ولا ميت فينسى.
قوله تعالى: " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى " التزكي هو التطهر والمراد به التطهر من ألواث التعلقات الدنيوية الصارفة عن الآخرة بدليل قوله بعد " بل تؤثرون الحياة الدنيا " الخ، والرجوع إلى الله بالتوجه إليه تطهر من الاخلاد إلى الأرض، والانفاق في سبيل الله تطهر من لوث التعلق المالي حتى أن وضوء الصلاة تمثيل للتطهر عما كسبته الوجوه والأيدي والاقدام.
وقوله: " وذكر اسم ربه فصلى " الظاهر أن المراد بالذكر الذكر اللفظي، وبالصلاة التوجه الخاص المشروع في الاسلام.
والآيتان بحسب ظاهر مدلولهما على العموم لكن ورد في المأثور عن أئمة أهل البيت عليهم السلام أنهما نزلتا في زكاة الفطر وصلاة العيد وكذا من طرق أهل السنة.
قوله تعالى: " بل تؤثرون الحياة الدنيا " اضراب بالخطاب لعامة الناس على ما يدعو إليه طبعهم البشري من التعلق التام بالدنيا والاشتغال بتعميرها، والايثار