واتخاذ الآبال من أركان عيشتهم.
قوله تعالى: " وإلى السماء كيف رفعت " وزينت بالشمس والقمر وسائر النجوم الزواهر بما فيها من المنافع لأهل الأرض وقد جعل دونها الهواء الذي يضطر إليه الحيوان في تنفسه.
قوله تعالى: " وإلى الجبال كيف نصبت " وهي أوتاد الأرض المانعة من مورها ومخازن الماء التي تتفجر منها العيون والأنهار ومحافظ للمعادن.
قوله تعالى: " وإلى الأرض كيف سطحت " أي بسطت وسويت فصلحت لسكني الانسان وسهل فيها النقل والانتقال وأغلب التصرفات الصناعية التي للانسان.
فهذه تدبيرات كلية مستندة إليه تعالى بلا ريب فيه فهو رب السماء والأرض ما بينهما فهو رب العالم الانساني يجب عليهم أن يتخذوه ربا ويوحدوه ويعبدوه وأمامهم الغاشية وهو يوم الحساب والجزاء.
قوله تعالى: " فذكر إنما أنت مذكر " تفريع على ما تقدم والمعنى إذا كان الله سبحانه هو ربهم لا رب سواه وأمامهم يوم الحساب والجزاء لمن آمن منهم أو كفر فذكرهم بذلك.
وقوله: " إنما أنت مذكر " بيان أن وظيفته - وهو رسول - التذكرة رجاء أن يستجيبوا ويؤمنوا من غير إكراه وإلجاء.
قوله تعالى: " لست عليهم بمصيطر " المصيطر - وأصله المسيطر - المتسلط، والجملة بيان وتفسير لقوله: " إنما أنت مذكر ".
قوله تعالى: " إلا من تولى وكفر " استثناء من المفعول المحذوف لقوله السابق: " فذكر " والتقدير فذكر الناس إلا من تولى منهم عن التذكرة وكفر إذ تذكرته لغو لا فائدة فيها، ومعلوم أن التولي والكفر إنما يكون بعد التذكرة فالمنفي بالاستثناء هو التذكرة بعد التذكرة كأنه قيل: ذكرهم وأدم التذكرة إلا لمن ذكرته فتولى عنها وكفر، فليس عليك إدامة تذكرته بل أعرض عنه فيعذبه الله العذاب الأكبر.
فقوله: " فذكر - إلى أن قال - إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر " في معنى قوله: " فذكر إن نفعت الذكرى - إلى أن قال - ويتجنبها الأشقى الذي يصلى النار الكبرى " الاعلى: 12 وقد تقدم بيانه.